وما أبعد (١) ما بينه وبين ما عن جامع المقاصد ، حيث قال في باب
______________________________________________________
(١) يعني : وما أبعد ما بين ما أفاده المحقق الأردبيلي قدسسره ـ من أنّ المفهوم من كلمات الأصحاب ضمان العين في الإجارة الفاسدة ـ وبين ما أفاده المحقق الكركي قدسسره من أنّه يلوح من كلامهم عدم الضمان. وغرض المصنّف قدسسره التعجّب من استظهار هذين العلمين ، حيث ادّعى المحقق الأردبيلي أنّ الضمان يفهم من كلامهم ، وادّعى المحقق الكركي ظهور كلامهم في عدم الضمان.
وكيف كان فيحتمل أن يكون اختلافهما في النسبة إلى الأصحاب ناشئا من الاختلاف في فهم معنى قولهم : «كلّ ما يضمن بصحيحه .. إلخ» بأن يقال : إنّ المحقق الأردبيلي قدسسره فهم من هذه العبارة : أنّ مورد إثبات الضمان ونفيه عند الأصحاب خصوص متعلّق العقد كالمنفعة في الإجارة ، فلا يعمّ العين المستأجرة ، فلا بدّ حينئذ من الحكم بضمان العين لقاعدة اليد ، لعدم كون العين موردا للعقد.
والمحقّق الثاني قدسسره فهم منها أنّ مورد النفي والإثبات عندهم ما يشمل مورد العقد ومتعلّق المتعلّق ، فيعمّ العين المستأجرة ، فيتعارض اليد والقاعدة ، فيرجع إلى البراءة.
والحاصل : أنّ هنا قاعدتين إحداهما ـ وهي اليد ـ توجب الضمان ، والأخرى وهي قاعدة «ما لا يضمن بصحيحه» تنفي الضمان. والاختلاف إنّما يكون في مفاد الثانية.
فإن كان مفادها عند الأصحاب نفي الضمان عن خصوص مورد العقد ، فلا تشمل العين المستأجرة فاسدا كما زعمه المحقق الأردبيلي. وعليه فمقتضى قاعدة اليد ضمانها.
وإن كان مفادها عندهم نفي الضمان عن الأعمّ من مورد العقد كما استظهره المحقق الثاني من كلام الأصحاب فلازمه نفي الضمان عن العين المستأجرة فاسدا ، إذا المفروض عدم اختصاص قاعدة «ما لا يضمن» بنفس مورد العقد ، وشمولها لمتعلق متعلقة أيضا كالعين المستأجرة ، فإنّ مورد العقد هو المنفعة دون العين.