.................................................................................................
__________________
أمّا الأوّل : فيمكن الاستدلال عليه بقوله تعالى (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً) (١) بعد ظهور الصيد في المصيد أي الحيوان الوحشي ، لا في معناه المصدري ، وذلك بقرينة إضافته في الآية الشريفة المتقدمة عليها إلى البرّ والبحر. وبقرينة قوله تعالى (مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيّارَةِ) (٢) وقوله تعالى في الآيتين المتقدمتين ، وهما : (لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ) (٣) و (لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) (٤). وقد أطلق على الحيوان الصيد باعتبار كونه في معرض الاصطياد ، ولا بأس به ، لأنّه إطلاق شائع.
وتحريم ذات الصيد كغيره من التحريمات المضافة إلى الذوات ـ بقرينة حذف المتعلّق ـ ظاهر في حرمة جميع تقلّباته اصطيادا وحيازة وتملّكا وبيعا وشراء وإعارة واستعارة واستئمانا وإمساكا وغيرها ، بتقريب : أنّ الحرمة بمعنى المنع الشامل للتكليفي والوضعي. وعلى هذا فلا يصح كل تصرف اعتباري وخارجي يتعلّق بالعين التي أضيفت إليها الحرمة ، فلا تصح إعارتها ، إذ لا يصح الانتفاع بها بعد حرمة كل تصرف يتعلق بها. ومن المعلوم اعتبار حليّة الانتفاع بها في صحة العارية.
وبالجملة : فيمكن الاستدلال على فساد عارية الصيد للمحرم بحرمته على المحرم ، بتقريب : أنّ قوله تعالى (حُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ) ظاهر في حرمة جميع التصرفات المتعلقة به من الاصطياد والإمساك والانتفاع به ، كشرب لبنه وأكل بيضه ونحوهما ، وبطلان بيعه وشرائه وعاريته ووديعته وإجارته ونحوها ، فإنّ حرمة الانتفاع بالصيد تهدم قوام العارية وهو جواز الانتفاع بالعين المستعارة.
إلّا أن يقال : إنّ التحريم المضاف إلى العين ناظر إلى الفعل المناسب لها ، كالتحريم
__________________
(١) سورة المائدة (٥) الآية ٩٦.
(٢) سورة المائدة (٥) الآية ٩٦.
(٣) سورة المائدة (٥) الآية ٩٤.
(٤) سورة المائدة (٥) الآية ٩٥.