الصحيح (١) ، لأنّ (٢) الثمن إنّما هو بإزاء العين ، دون المنافع.
______________________________________________________
وحاصل وجه النظر : أنّ الثمن يبذل بإزاء العين في العقد الصحيح من دون أن يقع شيء منه بإزاء المنافع حتّى تكون مضمونة في العقد الصحيح. وعلى هذا فالمنافع خارجة عن مورد العقد ، فالقاعدة غير متعرّضة لها ، بل يرجع في ضمانها إلى اليد أو قاعدة الاحترام أو غيرهما ، فالنقض غير متوجّه ، لخروج المنافع عن مورد العقد ، والقاعدة ناظرة إلى مورد العقد.
وبعبارة أخرى : انّ منفعة المبيع وإن كانت ملحوظة للمشتري ومتعلقة لغرضه ، إلّا أنّها داعية له على شراء العين ، ومن المعلوم الفرق بين الحيثية التقييدية كما إذا شرط في بيع الكتاب خياطة ثوبه ، وبين الحيثية التعليلية الخارجة عن مصبّ العقد ، كداعويّة برودة الهواء لاشتراء الألبسة الخشنة الحارّة لدفع برودة الشتاء.
والمناط في الضمان هو الحيثيّة التقييدية دون التعليلية ، ولذا قالوا بأنّ تخلّف الداعي عن المعاملة لا يوجب الخيار فيها ولا يبطلها. وعلى هذا فالمضمون في البيع الصحيح هو نفس العين ، كما أنّ المضمون في الإجارة هو نفس المنفعة. فالجواب المذكور غير واف بدفع النقض.
والصحيح في التخلّص عنه أن يقال : إنّ المدار على الضمان وعدمه هو مصبّ العقد ، لا ما يتعلّق به. ولمّا كان الثمن مقابلا بالمبيع لا بمنافعه لم تندرج المنافع في أصل قاعدة «ما يضمن» كما زعمه المجيب عن النقض ، ولا في عكسها كما زعمه الناقض. فإن قلنا بضمانها فبدليل آخر كقاعدة الاحترام. وإن قلنا بعدمه فللاقدام على تسليط المشتري على المبيع لينتفع به ، هذا.
(١) يعني : لا يقتضي نفس البيع الصحيح ضمان منفعة المبيع حتى يقتضيه فاسده ، فلو ضمنها المشتري في البيع الفاسد كان لدليل آخر.
(٢) تعليل لقوله «غير مضمونة» والمستفاد منه أمران ، أحدهما : المناقشة في جواب النقض ، والآخر : ردّ أصل النقض. وقد تقدم توضيحهما آنفا بقولنا : «وحاصل وجه النظر : أنّ الثمن يبذل بإزاء العين» وقولنا : «والصحيح في التخلّف عنه أن يقال ..».