والحاصل (١) : أنّ دلالة الرواية لا تقصر عن سندها في الوهن ، فلا يترك
______________________________________________________
(١) هذا ملخّص ما أورد به المصنف على ابن حمزة قدسسرهما النافي لضمان المنافع المستوفاة مستدلّا بالحديث النبويّ. ومحصّل الكلام : أنّ الحديث موهون سندا ودلالة. أمّا سندا فلأنّه مرويّ بطرقنا مرسلا ، ولا عبرة بالمراسيل ما لم تنجبر بعمل المشهور ، وقد عرفت إعراض المشهور عن المدلول الذي استظهره ابن حمزة ، بل ادّعى الإجماع على ضمان المنافع المستوفاة. وهذا الحديث وإن روي مسندا بطرق العامّة لكنّه مرميّ بضعف بعض رجاله كما سيأتي في التعليقة.
وأمّا دلالة فلأنّ محتملات الحديث كثيرة ، ولا معيّن لما استظهره ابن حمزة منه ، ويكفي في ردّه ما أفاده المصنف من اختصاصه بموارد الاقدام المضمّن الممضى شرعا.
وعليه فلا معارض لما يدلّ من القواعد الجارية في ضمان مطلق الأموال
__________________
لا يجوز أن يؤجر» (١).
ويحتمل ـ كما قيل : ـ أن تكون العارية تمليك المنفعة مجّانا ، كالهبة التي هي تمليك العين مجّانا ، كما أنّ الإجارة تمليك المنفعة بعوض ، في مقابل البيع الذي هو تمليك العين بعوض. ففي التذكرة في مقام الاستدلال على مشروعيّة العارية ما لفظه : «أما الإجماع فلا خلاف بين علماء الأمصار في جميع الأعصار في جوازها والترغيب فيها. ولأنّه لمّا جازت هبة الأعيان جازت هبة المنافع ، ولذلك صحّت الوصيّة بالأعيان والمنافع جميعا» (٢) وهو صريح في كون العارية من هبة المنافع.
لا يقال : إنّه على هذا يجوز للمستعير إجارة العين المستعارة ، مع أنّ من المسلّم عدم جوازها.
فإنّه يقال : إنّ عدم جواز إجارتها إنّما هو لأجل شرط انتفاع المستعير بنفسه ، ولو شرطا ضمنيّا مبنيّا عليه عقد العارية.
__________________
(١) تذكرة الفقهاء ، ج ٢ ، ص ٢٠٩ ، السطر ١٤.
(٢) المصدر ، السطر ٢٧.