فالأصل (١) تخيير المالك ، لأصالة عدم (٢) براءة ذمّته بدفع ما لا يرضى به المالك.
______________________________________________________
الضامن ، فله مطالبة ما شاء.
فإن قلت : إنّ أصالة البراءة معارضة لقاعدة الاشتغال ، فتتساقطان ، لكونهما في رتبة واحدة ، فلا يبقى مرجّح لتخيير المالك من أوّل الأمر ، وينتهي الأمر إلى الطريق الأوّل المنوط بالاعتماد على الإجماع على عدم تخيير الضامن.
قلت : لا معارض لأصالة الاشتغال هنا ، لعدم جريان أصالة البراءة في أمثال المقام ممّا يكون المتعلّق دائرا بين المتباينين ، وهما المثل والقيمة ، إذ لو كانت القيمة هي مجرّد ماليّة المضمون الموجودة في جميع الأعيان المتمولّة كانت هي الأقلّ ، وكان المثل الواجد للجهات الصنفيّة المشتركة مع التالف هو الأكثر ، فيكون المقتضي لجريان أصالة البراءة عن وجوب دفع الأكثر موجودا ، وهي معارضة لقاعدة الاشتغال المقتضية لتخيير المالك.
ولكن المراد بالقيمة في باب الضمان هو النقد الواقع ثمنا كالدرهم والدينار والأنواط التي يعامل بها. ومن المعلوم أنّ المثل والنقد متباينان ، لعدم كون القيمة بعضا من المثل حتى تجري أصالة البراءة عن الأكثر ، كما تجري في الزائد على المتيقّن عند دوران الدّين بين تسعين ومائة درهم مثلا.
وعليه فقاعدة الاحتياط تجري بلا معارض ، وبعد الإجماع على عدم وجوب أداء الخصوصيّتين يتّجه تخيير المالك في قبول المثل أو القيمة. هذا تقريب القول بتخيير المالك.
(١) هذا الأصل أعمّ من العمليّ واللفظيّ ، لأنّه استدلّ بحديث «على اليد» وهو دليل اجتهاديّ.
(٢) أي : استصحاب بقاء المضمون على عهدة الضامن ، وقد عرفته بقولنا : «أوّلهما : أصالة عدم براءة ذمّة الضامن بدفع ما لا يرضى به المالك .. إلخ».