ويمكن أن يقال (١) : إنّ الحكم باعتبار بلد القرض ، أو السّلم (٢) ـ على القول به
______________________________________________________
القيمتين ، وهو غير محلّ الكلام. والشقّ الثالث راجع إلى عدم جواز المطالبة بالمثل في غير بلد التلف ، وموضوعه وجود المثل ، وهو غير محلّ البحث.
(١) الظاهر أنّ غرضه قدسسره من هذه العبارة المناقشة في تفصيل المبسوط ، وبيانه : أنّ قوله في الشّقّ الثالث : «وإلّا فالحكم أن يأخذ قيمة بلد التلف أو يصبر حتى يوفيه بذلك البلد» مشكل ، لاقتضاء أدلّة الضمان ـ كآية الاعتداء بالمثل ـ اشتغال عهدة الضامن ببدل المغصوب ، وللمالك مطالبته منه ، سواء أكانا في بلد الضمان أم في بلد آخر ، وسواء تساوت القيم في البلدين أم اختلفت. ولا مقيّد في البين حتى يختصّ جواز المطالبة بما إذا كانا في بلد الضمان ، أو تساوت القيمتان في البلدين. بل مقتضى إطلاق الدليل استحقاق المطالبة في بلد آخر حتى إذا كانت القيمة فيه أزيد من بلد الضمان. مع أنّ شيخ الطائفة قدسسره منع المالك من مطالبة الزيادة ، وخيّره بين مطالبة قيمة المثل في بلد الضمان وبين الانتظار حتى يؤدّي الضامن البدل في بلد الضمان.
نعم نقول باستحقاق المطالبة بالبدل في خصوص بلد القرض والسّلم ، وذلك لانصراف إطلاق العقد إليه وعدم تقييده بأداء المضمون في مكان آخر كانصراف إطلاق عقد البيع إلى نقد بلد المعاملة لا نقد بلد آخر. وأمّا الغصب وما بحكمه ـ كالمقبوض بالبيع الفاسد ـ فلا عقد حتى يختصّ استحقاق مطالبة البدل ببلد الضمان ، بل مقتضى إطلاق دليل الضمان جواز المطالبة به في بلد آخر حتى مع تفاوت القيمتين.
(٢) قد عرفت فيما نقلناه عن المبسوط أنّ شيخ الطائفة قدسسره ألحق القرض بالغصب ، ومقتضاه جريان الشقوق الثلاثة فيه ، ولم يحكم بتعيّن بلد القرض ، وإنّما صرّح بتعيّن بلد العقد في بيع السّلم خاصّة.
وكيف كان فالفرق بين القرض والسّلم ـ بنظر شيخ الطائفة ـ لا يدفع إشكال المصنف عليه ، لأنّ غرضه إبداء الفارق بين الغصب وما بحكمه ، وبين القرض والسّلم.