.................................................................................................
__________________
أو بكلتيهما؟ ومقتضى الأصل بقاء العين بماليّتها على العهدة ، وعدم سقوطها بأداء ما سقطت عن القيمة إلّا بأدائها وقيمتها ، فلا وجه لأن يقال : إنّ أداء العين موجب لسقوط الضمان ، واشتغال الذّمّة بخصوصيّة المال مشكوك فيه ، فينفى بالبراءة.
بل يقال : إنّ ضمان العين المتمولّة قد ثبت قطعا واشتغلت بها الذّمّة يقينا ، ودفع العين الساقطة عن الماليّة إلى المالك يوجب الشك في سقوط الضمان ، ومقتضى الاستصحاب بقاء العهدة إلى أن تؤدّى القيمة أيضا ، فاستصحاب بقاء العهدة يقضي بلزوم دفع القيمة أيضا.
وقد نوقش في هذا الأصل بما في حاشية المحقّق الأصفهاني قدسسره من «أنّه لا مجال لهذا الأصل ، إذ لم يثبت للعهدة أثر شرعا وعرفا إلّا وجوب دفع العين ، فلا معنى للتعبد بالقيمة من التعبد ببقاء العين إلّا بالأصل المثبت ، لأنّ بقاءها مع دفع العين ملزوم عادة أو عقلا لوجوب التدارك بالماليّة. نعم أصالة بقاء الخروج عن عهدة العين بدفعها قبل سقوطها عن الماليّة لا بأس بها» (١).
وفيه : أنّ أصالة بقاء شغل الذّمّة يستلزم عقلا وجوب الخروج عن العهدة ، وهذا اللازم أعمّ للحكم الواقعيّ والظاهريّ ، نظير وجوب الإطاعة عقلا الذي هو لازم أعمّ للحكم الواقعيّ والظاهريّ ، ووجوب مقدّمة الواجب ، فإنّهما حكمان عقليّان للوجوب الأعمّ من الواقعيّ والظاهريّ.
فإذا ثبت وجوب شيء بالاستصحاب مثلا ترتّب عليه الحكمان العقليان المذكوران ، كما يترتّبان على الوجوب الواقعيّ الثابت بالعلم الوجدانيّ. ومن المعلوم أنّه لا شائبة لمثبتيّة الأصل في هذه الموارد. نظير استصحاب وجوب صلاة الجمعة مثلا ، فإنّ
__________________
(١) حاشية المكاسب ، ج ١ ، ص ٩٧.