.................................................................................................
__________________
قبولا للوديعة والعارية ، فلا يتحقق عقداهما.
وعلى كلّ حال إذا شك في كون الرّدّ تأدية رافعة للضمان فالاستصحاب يقضي ببقاء الضمان كما لا يخفى.
واعلم أنّ في حكم التأدية الرافعة للضمان إتلاف المالك لما غصب منه إذا كان موجبا لضمانه لو تعلّق بغير ماله.
توضيحه : أنّ إتلاف المالك تارة يكون بنحو يوجب الضمان لو كان المال لغيره ، كما إذا اعتقد أنّ المتاع الفلاني مال زيد ، فغصبه وأتلفه ، ثم تبيّن أنّه له.
وأخرى بنحو لا يوجب الضمان ، كإتلاف الضيف ما قدّمه المضيف إليه من الطعام بالأكل ، فإنّ هذا الإتلاف لا يوجب الضمان ، فلو غصب زيد شاة عمرو ثم أطعمه إيّاها بعنوان الضيافة ، فحينئذ وإن استولت يد المالك على ماله وأتلفه بالأكل ، لكنّه لا يوجب سقوط ضمان الغاصب ، لتغريره للمالك. بل يتأكد الضمان بقاعدة الغرور ، ولذا يستقر الضمان على الغارّ لو أكل المغرور مال ثالث بتغريره.
واتّضح ممّا ذكرنا سرّ ما أفاده الشهيد قدسسره في اللمعة وغيره من الفقهاء من : أنّه لو غصب شاة فأطعمها المالك مع جهل المالك بكونها شاته ضمنها الغاصب (١).
فالمتحصل : أنّ إتلاف المالك على الوجه الأوّل ـ وهو اعتقاد المالك بكون المال لغيره ، فأتلفه بقصد الإضرار بمالكه ـ يرفع ضمان الغاصب. بخلاف ما إذا كان على الوجه الثاني ، فإنّه لا يرفعه.
ولو باع المغصوب من مالكه وشرط عليه إتلافه اليوم ، فاشتراه وأحرقه ، فهل يعدّ هذا من الغرور حتى لا يسقط الضمان ، أم لا؟ فيه وجهان ، أظهرهما صدق الغرور عليه عرفا.
هذا تمام الكلام فيما يتعلّق بالنبويّ المشهور. وقد علم مما ذكر وجه دلالته على الحكم الوضعي أعني به ضمان المقبوض بالعقد الفاسد ، والله العالم.
__________________
(١) راجع الروضة البهية ، ج ٧ ، ص ٥٤ ؛ مسالك الأفهام ، ج ١٢ ، ص ١٥٧ و ٢٠٥ ؛ شرائع الإسلام ، ج ٣ ، ص ٢٤٢.