.................................................................................................
__________________
وإلى الأصل مع الإغماض عن دلالة الحديث ، فإنّ الاستصحاب يقضي ببقاء الضمان ما لم يحصل استيلاء المالك على المغصوب.
فتلخص : أنّ براءة ذمة الغاصب عن المغصوب منوطة باستيلاء المالك أو من يقوم مقامه عليه ولو قهرا وبدون اطّلاع الغاصب وإذنه ، كما إذا أخذه المالك بالقهر والغلبة واستولى عليه. فالمدار في حصول البراءة ـ وسقوط الضمان ـ على وصول المال إلى مالكه على وجه يكون مستوليا عليه. وهذا المعنى يتحقق قطعا بما إذا دفع المغصوب الى المغصوب منه بعنوان أنّه ماله وملكه ليتصرّف فيه كتصرف سائر الملّاك في أملاكهم كما اختاره الشهيد الثاني قدسسره قائلا : «بأنّ التسليم التام إلى المالك الموجب لارتفاع الضمان هو التسليم بهذا النحو» (١).
وأمّا إذا دفع إليه بنحو آخر كعنوان الأمانة المضمونة كالعارية المضمونة ، أو عارية الذهب والفضة مطلقا ، أو غير المضمونة كالوديعة ، أو بعنوان التمليك الضماني كالبيع منه ، أو الهبة المعوّضة أو الإجارة أو الصلح غير المحاباتي أو نحو ذلك أو التمليك المجّاني كالهبة غير المعوّضة ، ففي كونه رافعا للضمان إشكال.
والتحقيق أن يقال : إنّ رافع الضمان هو التأدية التي هي أمر عرفي ، فلا بدّ من تحقق التأدية عرفا. والظاهر تحققا باستيلاء المالك على التصرفات في العين ، بحيث يكون تصرّفه فيها مستندا إلى مالكيّته لها ولو بزعم ملكية جديدة. فالاختلاف في موجبات الملكية لا يمنع عن صدق التأدية ، فإذا دفع المغصوب إلى مالكه بعنوان التمليك الضماني أو المجّاني كان ذلك ردّا للمال إلى مالكه ، لأنّ التأدية مقدمة للوصول إلى المالك بنحو يكون مستوليا عليه ومتصرفا فيه تصرف الملّاك في أملاكهم ، كما كان متصرفا فيه قبل غصب الغاصب. فالتأدية مقدّمة لعود السلطنة التامة التي كانت ثابتة للمالك ، فلا تصدق التأدية على ردّ المال إلى مالكه بعنوان الوديعة أو العارية ، لعدم كونهما موجبين لعود سلطنة المالك ، إلّا إذا علم بالحال. فحينئذ لا يكون قبول المالك
__________________
(١) مسالك الأفهام ، ج ١٢ ، ص ٢٠٥ ؛ الروضة البهية ، ج ٧ ، ص ٥٥.