.................................................................................................
__________________
نعم إذا وكّله المالك في التسلّم من قبله ، فتسلّم الغاصب ما غصبه وكالة عن مالكه أمكن القول بارتفاع الضمان حينئذ ، لتبدّل يده العادية باليد الأمانية. فالغاصب لصيرورته وكيلا فعلا صار قبضه وتسلّمه كتسلّم المالك موجبا لارتفاع الضمان عنه ، هذا.
وقد استشكل بعض الفقهاء في ذلك بأنّ ظاهر الحديث هو الضمان ما لم يحصل التسليم والتأدية إلى المالك ، خرج عنه التسليم الى يد الوكيل إذا كان غير الغاصب بالإجماع ، وأمّا الغاصب الوكيل فخروجه غير معلوم ، والأصل يقضي بالعدم ، هذا.
لكنه مندفع بأنّ أدلة الوكالة ـ على فرض تماميتها ـ حاكمة على أدلة الضمان ، لكونها موجبة لتبدل الموضوع الموجب للضمان ، فإنّ موجبه وهو اليد العدوانية يتبدل بسبب الوكالة بالأمانية ، فإذا صارت يد الغاصب أمانيّة ارتفع الضمان. ولا فرق في الحكم بارتفاع الضمان بين الوكيل الغاصب وغيره كما هو مقتضى إطلاق أدلة الوكالة. وإلّا لم يكن وجه لخروج الوكيل غير الغاصب أيضا ، لعدم كونه بالخصوص مورد الإجماع حتى يمتاز به عن الغاصب كما لا يخفى.
ثمّ الظاهر أنّ المراد بالتأدية إلى المالك هو جعله مستوليا عليه. فكما أنّ مجرّد وضع اليد على ثوب الغير ليس غصبا له ، فكذلك مجرّد وضع المالك يده على ما غصب منه من دون استيلائه عليه ـ كما إذا وضع يده على ثوبه الذي غصبه غاصب ـ ليس رافعا للغصب ومصداقا للتأدية الرافعة للضمان. فإذا غصب شخص نقدا من صرّاف ثم دفعه إلى ذلك الصرّاف لينقده لم يكن هذا الدفع ضدّا للغصب وتأدية للمغصوب حتّى يرتفع الضمان ، بل الغاصب ضامن له إذا تلف بآفة سماوية أو أخذه ثالث من يده ، لعدم حصول التأدية الرافعة للضمان.
والحاصل : أنّه لا يصدق التأدية إلى أحد إلّا إذا استولى عليه. ألا ترى أنّ تسليم النقد إلى الصرّاف لينقده لا يسمّى تأدية إليه.
هذا مضافا الى الإجماع المستنبط من تتبّع كلماتهم.