.................................................................................................
______________________________________________________
قرائن داخليّة على مدّعاه ، وكان المناسب توضيحها تسهيلا للأمر على إخواننا المشتغلين أيّدهم الله تعالى. لكن لخوف الإطالة والخروج عن حدود التوضيح نقتصر على شرح ما لخّصه المصنّف في المتن ، فنقول وبه نستعين :
إنّ المراد بالحلف في قوله عليه الصّلاة والسّلام : «إمّا أن يحلف هو ..» ليس الحلف الذي يكون ميزانا لفصل الخصومة حتى يلزم مخالفة قاعدة «اليمين على المنكر والبيّنة على المدّعي» بل المقصود بالحلف هنا هو اليمين المتعارفة عند عامّة الناس بداعي تصديق الطرف الآخر وإذعانه بالمحلوف عليه ، كما يشاهد في مقام المعاملة ، فيحلف البائع مثلا على أنّ المبيع كلّفه كذا دينارا ، أو أنّه صرف عليه كذا مبلغا ، فيصدّقه المشتري ، ويرضى بالثمن ، ولولا اليمين بالأسماء المقدّسة لم تقنع نفس المشتري بما يدّعيه البائع.
وكذا الحال في حلف الموجر على الأجرة التي يجعلها على داره أو دكّانه.
ومن هذا القبيل اختلاف أبي ولّاد والمكاري في قيمة البغل ، فلو ادّعى المكاري قيمة عليا وحلف عليها رضي أبو ولّاد بها ، واحتمل عدم تصديقه إيّاه بدون الحلف.
وعلى هذا فلا ربط للحلف المذكور في الصحيحة بباب القضاء حتى تنخرم قاعدة «اليمين على من أنكر» إذ لا أثر في الصحيحة من الترافع إلى القاضي في خصوص معرفة قيمة البغل ، هذا.
فإن قلت : لو كان المراد من الحلف هو المتداول في مقام المماكسة عند المعاملة لم يكن وجه لتعبير الامام عليه الصّلاة والسّلام : «فان ردّ اليمين عليك فحلفت على القيمة لزمه» لأنّ ظاهر «الرّدّ» هو كون الحلف حقّا للمالك ابتداء ، وأنّ الحاكم الشرعيّ يأمر المالك بالحلف ، فإن أبى منه وجّهه الحاكم إلى الغاصب ، ومن المعلوم أنّ «ردّ اليمين» من شؤون القضاء وفصل الخصومة عند الحاكم والترافع إليه ، فلا وجه لحمل «الحلف» على ما يتداول بين عامّة الناس في مقام المعاملة ، هذا.