تارة يكون بأداء عوضه الجعلي الذي تراضى (١) هو والمالك على كونه عوضا ، وأمضاه الشارع ، كما في المضمون بسبب العقد الصحيح. وأخرى بأداء عوضه
______________________________________________________
الصحيح يكون بالبدل الجعلي المسمّى في العقد كبدلية الدينار عن الكتاب. ولكن الضمان في العقد الفاسد يكون بالبدل الواقعي من المثل أو القيمة. فإذا قبض المشتري الكتاب وتلف عنده وتبيّن فساد العقد كان اللازم تداركه بعوضه الواقعي لا الجعلي. وبهذا يتفاوت معنى الضمان الذي أفاده المصنّف ، لاختلاف نحوي تدارك مال الغير ، هذا.
وقد دفعه قدسسره بأنّ للضمان في جميع موارده مفهوما وحدانيا ، وهو التدارك بمال الضامن ، إلّا أنّ الاختلاف يكون فيما يتدارك به ، إذ هو تارة بدل واقعي ، وأخرى بدل جعليّ ، وثالثة أقلّ الأمرين من البدل الواقعي والجعلي كما سيأتي بيانه في الهبة المعوّضة التالفة قبل دفع العوض ، فللمتّهب الاقتصار في تدارك العين الموهوبة على أقلّ البدلين قيمة ، فإن كان العوض المشترط أقل اكتفى به ، وإن كانت القيمة الواقعية أقلّهما اكتفى به.
والحاصل : أنّ الضمان في جميع موارده بمعنى «تدارك المال المضمون وتحمّل خسارته» ويراد به عند الإطلاق أداء العوض الواقعي ، وفي خصوص العقد الصحيح يراد به أداء البدل الجعلي ، وذلك من باب تعدّد الدال والمدلول وقيام القرينة على إرادة التدارك بالعوض المسمّى ، وهي تعيين البدل في العقد المعاوضي الذي أمضاه الشارع ، كجعل الدينار ـ بالبيع ـ بدلا عن الكتاب.
(١) كتراضي مالك الكتاب ومالك الدينار على كون كلّ منهما عوضا عن الآخر. وكتراضي مالك الدار والمستأجر على كون عشرة دنانير عوضا عن منفعتها مدة شهر مثلا. وهذا التراضي إنّما يترتب عليه الأثر بعد إمضاء الشارع لهذين العقدين وحكمه بصحتهما.