يضمن به لو كان صحيحا ، يضمن به مع الفساد.
______________________________________________________
وتوضيحه : أنّهم حكموا في الإجارة الفاسدة بوجوب أجرة المثل ، مع فرض استيفاء المنفعة كلّا أو بعضا ، سواء زادت على المسمّى أم نقصت عنه. واستثنى الشهيدان قدسسرهما صورة واحدة ، فحكما بعدم ضمان اجرة المثل فيها ، وهي ما إذا كان منشأ الفساد اشتراط عدم الأجرة ، أو عدم ذكرها في العقد بنحو يستفاد منه إرادة عدم بذل الأجرة. والوجه في عدم وجوب اجرة المثل على من استوفى المنفعة هو : إقدام العامل على العمل مجّانا وبلا عوض.
هذا ما أفاده الشهيدان قدسسرهما. ووجّه صاحب الجواهر قدسسره هذه الفتوى بجعلها من مصاديق قاعدة «ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده» بتقريب : أنّ «كلّ عقد يضمن .. إلخ» عنوان مشير إلى أشخاص العقود المنشئة في الخارج ، ويفرض لكلّ عقد حالتان إحداهما الصحة ، والأخرى البطلان. فالمراد بالعقد في أصل القاعدة ـ أعني به «ما يضمن بصحيحه» ـ هو : أنّ كل شخص من العقود مقتض للضمان لو كان صحيحا ، فهو مقتض له لو كان فاسدا. مثلا : بيع الكتاب بالدينار موجب لضمان كلا المتبايعين ، لكونه عقدا معاوضيّا ، فهذا الفرد من البيع إن كان فاسدا ـ لاختلال بعض شرائطه ـ كان مضمّنا أيضا.
والمراد بالعكس أعني «ما لا يضمن» هو : أنّ كل ما صدر مجّانا ـ كالهبة الخالية عن العوض والصلح المفيد للإبراء ـ ممّا لا يفيد الضمان إذا كان صحيحا ، فكذا لا يفيده إذا وقع فاسدا. وعلى هذا فالإجارة الفاقدة للأجرة باطلة شرعا ، لأنّ حقيقة الإجارة «تمليك منفعة بعوض معلوم» أو «التسليط على العين لاستيفاء منفعتها بعوض» فخلوها عن الأجرة مناف لحقيقتها. إلّا أنّ هذه الإجارة مندرجة في «ما لا يضمن» لأنّها لو وقعت صحيحة شرعا لما كانت مضمّنة لمن يستوفي المنفعة ، فكذا لا تكون مضمّنة له على تقدير فسادها.
والحاصل : أنّ المدار في كون عموم القاعدة بلحاظ أشخاص العقود وأفرادها هو فرض حالتين لكل عقد خارجي ، فنفس هذا الفرد إن اقتضى الضمان على تقدير