والظاهر (١) أنّ الأصحاب لا يلتزمون بذلك (٢) ، فمقتضى ذلك (٣) أن لا يصحّ الإجازة إلّا بما لو وقع قبل العقد كان إذنا مخرجا للبيع عن بيع الفضوليّ.
ويؤيّد ذلك (٤) أنّه لو كان مجرّد الرضا ملزما
______________________________________________________
(١) هذا وجه عدم الالتزام بكفاية الرضا المقارن للعقد في الخروج عن الفضولية ، ولازم ذلك عدم كفاية مطلق الرضا في صحة العقد الفضولي ، بل لا بدّ من دالّ عليه.
(٢) أي : بلزوم المعاملة بمجرّد رضا المالك سواء أكان مقارنا أم لاحقا ، بل يلتزمون بكون المعاملة المقرونة بالعلم برضا المالك فضولية ما لم يأذن فيها. وقد سبق التنبيه على رأي الأصحاب في أوّل بحث الفضولي بقوله : «وكيف كان فالظاهر شموله لما إذا تحقق رضا المالك للتصرف باطنا ، وطيب نفسه بالعقد من دون حصول إذن منه صريحا أو فحوى ..» فراجع (١).
(٣) أي : عدم التزام الفقهاء بلزوم المعاملة بمجرّد رضا المالك ـ سابقا على العقد أو مقارنا له ـ يقتضي أن لا يصحّ الإجازة إلّا بشيء لو وقع قبل العقد كان إذنا من المالك ، بحيث يخرج البيع عن بيع الفضولي. وعليه فلا فرق بين الإجازة والإذن إلّا بالسبق واللحوق ، ومن المعلوم أنّ مجرد الرضا قبل العقد لا يكون إذنا مخرجا للعقد عن عقد الفضوليّ ، فلا بدّ أن لا يكون ذلك إجازة أيضا إذا وقع بعد العقد.
(٤) أي : ويؤيّد عدم كفاية مطلق الرضا. وتوضيح هذا المؤيّد : أنّه لو كان مجرّد الرضا كافيا في لزوم البيع ومخرجا له عن الفضولية فلازمه كون مجرد الكراهة المقابلة للرضا فسخا للعقد ومزيلا له ، مع أنّه يمتنع الالتزام بهذا اللازم ، لما تقرّر في موردين :
أحدهما : صحة البيع الفضولي المسبوق بنهي المالك ، كما تقدم تفصيله في المسألة الثانية (٢). مع أنّ كفاية عدم الرضا في تحقق فسخ العقد تقتضي البطلان ، لأنّ المالك أظهر كراهته بنهيه عن البيع ، ومن المعلوم تأثير هذه الكراهة المقارنة للعقد في فساده. فذهاب المشهور إلى صحة هذا القسم من بيع الفضولي شاهد على عدم العبرة بالكراهة الموجودة حال العقد. وبما أنّ الكراهة مقابلة للرضا ، فلا بدّ من عدم تأثير هذا الرضا المقارن في الصحة أيضا.
__________________
(١) هدى الطالب ، ج ٤ ، ص ٣٥٣.
(٢) المصدر ، ص ٥٢٤.