ونحوها ـ لا يتعرض للمكلف به ، وما دل على المكلف به ـ كالمادة ونحوها ـ إنما يدل بإطلاقه على الماهية من حيث هي ، والمرة والتكرار خارجان عنها ، فينهض الإطلاق بنفي اعتبار التكرار ، كما ينهض بنفي اعتبار المرة لو أريد بها مانعية التكرار. وكذا لو أريد بها خروج ما زاد عن المرة عن المكلف به وإن لم يكن مانعا منه ، لاحتياج إرادتها بهذا المعنى للتقييد ، لأنها أمر زائد على الماهية بما لها من حدود مفهومية.
نعم ، لو لم يكن للمكلف به إطلاق لفظي تعين الرجوع للأصل.
ومقتضاه عدم وجوب التكرار ، وعدم مانعيته ، من دون أن يتعرض لخروج ما زاد على المرة عن المكلف به أو دخوله فيه في ظرف وجوده ، لعدم اقتضاء كل منهما زيادة كلفة في مقام العمل.
وأما على الثاني فلا إشكال في المرة بمعنى وحدة التكليف المجعول بعد ما سبق من كون المكلف به هو الماهية من حيث هي ، لاستحالة اجتماع المثلين. ولا بد في تعدده من تعدد متعلقه ، وذلك بقيام القرينة على أن المكلف به ليس هو الطبيعة من حيث هي ، بل كل فرد منها بنحو الاستغراق ، حيث يتعين حينئذ تعدد التكليف تبعا لتعدد الأفراد ، كما يتعين وحدته لو كان متعلقا بالأفراد بنحو المجموعية.
وكذا يتعين تعدده لو ابتنى التكليف على الانحلال إلى تكاليف متعددة بتعدد الموضوعات المفروضة ، كما في القضايا الحقيقية ، مثل قوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ)(١) ، حيث كان ظاهره تعدد الموضوع بتعدد أفراد الدلوك ، فيتجدد التكليف بتجدده في كل يوم.
ولعل ذلك هو منشأ القول بالتكرار ، لا بتناء الخطاب بالأحكام الشرعية
__________________
(١) سورة الإسراء الآية : ٧٨.