باستفادة أحدهما من الهيئة ـ وإن صرح باختصاصه بها في الفصول ، وقد يظهر من تحرير بعضهم للنزاع فيها ـ بل يعم استفادته من دليل خارجي شرعي أو عقلي يقتضي أحدهما بنحو وحدة المطلوب أو تعدده ، بل قد يدعى عمومه للزوم الفور عقلا في مقام الامتثال ، وإن لم يؤخذ في مقام الجعل ، على ما يأتي الكلام فيه في آخر المسألة.
إذا عرفت هذا ، فالحق ما ذكره جماعة من عدم لزوم الفور ولا التراخي شرعا في مقام الجعل. لخروجهما عن مفاد المادة والهيئة ، لما سبق من عدم دلالة المادة إلا على الماهية من حيث هي ، فهي تصدق على جميع الأفراد الطولية بنحو واحد ، ولتمحض الهيئة في الدلالة على البعث نحو المادة على ما هي عليه من السعة ، فلا مرجح لبعض أفرادها. وكذا الحال في غير الهيئة مما يدل على التكليف. ولذا لا اشكال ظاهرا في عدم اقتضاء الأمر بنفسه البدار أو التراخي لو كان الواجب موقتا بوقت واسع ، مع وضوح إمكان كل منهما بالإضافة للطبيعة المقيدة بالوقت المذكور.
ودعوى : أن البعث الاعتباري يستتبع الانبعاث حين تحققه ، للتلازم بينهما ، كالتلازم بين البعث والانبعاث الخارجيين حقيقة.
ممنوعة ؛ لأن البعث والانبعاث الخارجيين متلازمان تلازم المتضايفين فيمتنع انفكاك أحدهما عن الآخر عقلا.
أما البعث الاعتباري بالخطاب بالتكليف فهو غير ملازم للانبعاث ـ بمعنى فعلية الطاعة ـ لا عقلا ولا عرفا ، وإنما يقتضي إحداث الموضوع للطاعة بالنحو الصالح للداعوية للعمل. أما نحو العمل المدعو إليه فهو تابع سعة وضيقا للمأمور به ، فمع اقتضاء إطلاقه إرادة الطبيعة على سعتها لا وجه لكون البعث سببا لإحداث الداعي نحو خصوص بعض افراده.