للتدارك في الأول ، حيث يكون الفعل خارج الوقت مأمورا به بنفس الأمر الأول بعد كون ملاكه باقيا بتمامه أو ببعض مراتبه. ويؤيده ثبوت القضاء في الحج والصوم المنذورين ، مع أن الوجوب في النذر تابع لقصد الناذر ، وهو لم يتعلق إلا بالفعل المقيد بزمان خاص ، فيستحيل بقاء الأمر التابع لقصده بعد فوت الوقت المقيد به.
وفيه : أنه إن أريد بتدارك ما فات في وقته ـ الذي ادعي ظهور لفظ القضاء فيه ـ مجرد الإتيان بالواجب بعد وقته فهو لا ينافي الوجه الأول. وإن أريد به تدارك النقص الحاصل بسبب فوت الواجب ، بحيث يكون الفرق بين الأداء والقضاء هو الفرق بين حراسة المال من السرقة ، وضمانه بعد السرقة بسبب التفريط في الحراسة. فهو بعيد عن معنى القضاء عرفا ، بل لا يكون قضاء الشيء بعد وقته إلا بالإتيان بما هو من سنخه ، كما يناسبه تفسير اللغويين للقضاء بالأداء والوفاء للدين أو بالعهد أو نحوهما.
وهو الظاهر من قوله تعالى : (فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ)(١) ، وقوله سبحانه : (فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِياماً وَقُعُوداً) ... (٢) ، وقوله عزّ اسمه : (فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ)(٣) ، وقول الشاعر :
قضى كل ذي دين فوفى غريمه |
|
............. |
إلى غير ذلك مما هو كثير جدا. وهو الظاهر أيضا من الاستعمالات العرفية ، ولذا لا يصدق القضاء عندهم على مثل الضمان في الفرض السابق وعلى استعمال الدواء أو العملية الجراحية تداركا للتفريط في
__________________
(١) سورة البقرة الآية : ٢٠٠.
(٢) سورة النساء الآية : ١٠٣.
(٣) سورة القصص الآية : ٢٩.