ذلك بعد فرض قصور الإطلاق إشكال. وإلا فما أكثر القيود الشرعية التي لا عهد للعرف بأخذها في المأمور به ـ كالطهارة والاستقبال وغيرهما ـ فهل يدعى نظير ذلك فيها لو فرض قصور الإطلاق؟!. على أن ذلك ـ لو تم ـ لا يرجع إلى توجيه الإطلاق المقامي ، بل إلى دعوى ظهور الكلام بسبب الغلبة.
والعمدة عدم وضوح مبنى قصور الإطلاق اللفظي ، ليتسنى التأمل في وجه الحمل على التوصلية مع عدمه ، واستيضاح ذلك ، أو منعه.
بقي شيء
وهو أنه ذهب جماعة ـ منهم الكلباسي في الإشارات على ما حكي ـ إلى أن مقتضى الأمر التعبدية ، لأن غرض المولى من الأمر جعله محركا للعبد نحو الفعل المأمور به ، فلا بد في موافقته للغرض المذكور من الإتيان بالمأمور به بداعي امتثال الأمر. وبذلك يرفع اليد عن إطلاق المادة لو تم كونه مقتضيا للتوصلية. بل لا بد في الاكتفاء بالإتيان بالمأمور به بدون قصد الامتثال من دليل مخرج عن ذلك.
وأما ما ذكره بعض الأعاظم قدسسره من ابتنائه على لزوم قصد الامتثال في التعبدي ، مع أنه ليس بلازم.
فيندفع بأن البناء على عدم لزوم قصد الامتثال والاكتفاء بغيره من وجوه التقرب إنما هو لعدم الدليل على لزومه ، ولو تم هذا الوجه كان صالحا لإثباته ، ولزم البناء على ذلك لأجله ، وإن لم نلتزم به لولاه.
فالعمدة عدم تماميته في نفسه لوجوه :
الأول : أن الغرض من الشيء ليس إلا ما يترتب عليه ولا يتخلف عنه ، ومن الظاهر أن فعلية التحرك عن الأمر ليس مما يلزم ترتبه عليه ، بل كثيرا ما يتخلف عنه بالمعصية أو غيرها ، فلا يكون غرضا من الأمر ، بل ليس الغرض