يشمل هذا الوقف الذي تضمنته القضية غير الفقراء من أولاده ـ وإن لم نقل بثبوت مفهوم الوصف ـ ولا غير أولاده ـ وإن لم نقل بثبوت مفهوم اللقب ـ لما سبق من قصور الحكم الشخصي عن غير حدود القضية ، كذلك لا مجال لدخول غيرهم في وقفية أخرى للدار ، لامتناع وقف المال مرتين ، إلا مع بطلان الأولى. نعم مع تعدد الموضوع لا مانع من تعدد الوقف ونحوه ، كما لو أوقف دارا أخرى على جميع أولاده.
وعلى هذا لو أوصى بإعطاء داره لجيرانه ، ثم أوصى بإعطائها لجيرانه الفقراء كانت الوصية الثانية ناسخة للأولى ، للتنافي بينهما ، من دون فرق بين كون القضية الثانية ذات مفهوم وعدمه. أما لو أوصى بإعطاء كل رجل من جيرانه عشرة دراهم ، ثم أوصى بإعطاء كل من كان فقيرا منهم عشرة دراهم كان نسخها للأولى موقوفا على ظهور القضية الثانية في المفهوم.
ولعله إلى ما ذكرنا يرجع ما عن الشهيد الثاني في محكي تمهيد القواعد من عدم الإشكال في دلالة القضية على المفهوم في مثل الوقف والوصايا والنذور والأيمان قال : «كما إذا قال : وقفت هذا على أولادي الفقراء أو إن كانوا فقراء أو نحو ذلك. ولعل الوجه في تخصيص المذكور هو عدم دخول غير الفقراء في الموقوف عليهم ، وفهم التعارض فيما لو قال بعد ذلك : وقفته على أولادي مطلقا».
ثم إنه على ما ذكرنا يظهر المعيار في سعة المفهوم ، فانها تابعة لسعة الحكم الذي يكون طرفا للتقييد ، فحيث كان مفهوم اللقب مبنيا على ظهور جعل الشيء موضوعا للحكم في انحصاره به ، وكان الموضوع قيدا للحكم بما للحكم من سعة مفهومية ، فهو ـ لو تم ـ أوسع المفاهيم ، لرجوعه إلى انتفاء ذات الحكم عن غير الموضوع المذكور في القضية. أما غيره من القيود ـ كالشرط والوصف والغاية ـ فحيث كانت واردة على الحكم بعد تضييقه بالانتساب