العمل ، لا جعل نفس الحكم. كما أن لازمه عدم التنافي بين حكمي العام والخاص بنحو يكون العمل بالثاني تحكيما لأقوى الظهورين ، بل كشف الخاص عن المراد من العام بنحو يقتضي التباين بين حكميهما سنخا ، مع فعلية حكم الخاص في مورده ، لتقدمه رتبة ، وارتفاع موضوع الحكم العام بوصوله.
وكل ذلك مما تأباه المرتكزات العرفية في الجمع بين الدليلين جدا. بل ليس فيه محافظة على استعمال العام في العموم بعد رجوعه إلى تقييد موضوع الحكم بالشك.
وإن كان مراده أن العام مستعمل في العموم لبيان الحكم الواقعي ، لكن لا بداعي بيان المراد الجدي ، بل بداعي ضرب القاعدة التي يرجع إليها عند عدم المخرج عنها ، إما تسهيلا لبيان المراد الجدي فيما لو لم يتسن للمتكلم استيعابه بتمام خصوصياته ببيان واحد ، أو لغرض آخر.
أشكل بأن حمل العام على صدوره لا بداعي المراد الجدي مناف لأصالة الجهة فيه المعول عليها عند العقلاء ، التي لعلها أقوى من أصالة الظهور فيه.
ولذا كان بناء أهل الاستدلال على عدم حمل أحد الدليلين المتنافيين على التقية إلا مع تعذر الجمع العرفي بينهما حتى بحملهما على المجاز.
ولا وجه لقياسه على موارد التقييد المتصل حيث يكون حمل الاستعمال فيه في العموم على عدم بيان المراد الجدي مقتضى ظهور الكلام الوضعي أو الإطلاقي.
ومن هنا لم يكن حمل العام على ذلك بأولى من حمله على الاستعمال في الخصوص على خلاف ظهوره. بل الثاني أولى ، لأن أصالة الجهة أقوى من أصالة الظهور. وربما يكون هناك بعض الوجوه الأخر لتقريب حجية العام المخصص في الباقي ، لا مجال لإطالة الكلام فيها.