عدم الاعتناء عملا باحتمال المانع ابتداء ، أم بتوسط التعبد ظاهرا بعدمه ، بأن يدعى أن بناء العقلاء دائما على أصالة عدم المانع. وإنما ثبت في خصوص بعض الموارد ، وليس منها المقام.
وأما الصغرى فلأنه لا يطرد كون عنوان العام من سنخ المقتضي للحكم ثبوتا وعنوان الخاص من سنخ المانع منه. بل قد يكون عنوان العام جزء المقتضي ، أو من سنخ ارتفاع المانع ، وعنوان الخاص من سنخ المقتضي أو متمما له ، أو من سنخ الشرط. وهو لا ينافي ما تقدم من كون العام من سنخ المقتضي للحجية ، والخاص من سنخ المانع منه. لعدم السنخية بين مقامي الثبوت والإثبات ، ولا تلازم بينهما.
ومن هنا لا مخرج عما ذكرنا من عدم حجية العام في المقام ما لم يحرز عدم دخول الفرد في الخاص. ويأتي الكلام في ضابط ذلك إن شاء الله تعالى.
نعم لا بد من كون موضوع التخصيص هو العنوان بمنشإ انتزاعه ، بحيث يكون جريان حكمه في الفرد وخروجه عن حكم العام بتوسط ثبوت منشأ انتزاعه فيه ، بخلاف ما إذا سيق العنوان لمحض الحكاية عن عناوين أخرى أو عن الأفراد بخصوصياتها ، بحيث تكون هي الدخيلة في موضوع الحكم من دون أن يكون العنوان دخيلا فيه ، نظير التخصيص في قوله تعالى : (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ)(١) ، لوضوح أن موضوع التحريم العناوين الخاصة من الخنزير والميتة ونحوهما من دون أن يكون للتلاوة دخل فيه. وكما لو سبق من المتكلم ذكر مجموعة أشخاص للمخاطب ، ثم قال : لا تكرم من سبق ذكره ، حيث لا دخل لسبق الذكر في الحكم.
فإنه يتعين حينئذ عدم لزوم إحراز العنوان المذكور ، بل يرجع الشك في
__________________
(١) سورة المائدة الآية : ١.