وجب عليه إتيانه ثانيا ، كما إذا لم يأت به أولا. ضرورة بقاء طلبه ما لم يحصل غرضه الداعي إليه ، وإلا لما أوجب حدوثه ، فحينئذ يكون له الإتيان بماء آخر موافق للأمر ـ كما كان له قبل إتيانه الأول ـ بدلا عنه ... ويؤيد ذلك ، بل يدل عليه ، ما ورد من الروايات في باب إعادة من صلى فرادى جماعة ، وأن الله يختار أحبهما إليه».
وكأن ما ذكره يبتني على ما سبق منه في مبحث التعبدي والتوصلي من إمكان عدم مطابقة المأمور به للغرض ، وحيث سبق منا امتناعه مع علم المولى بما يطابق الغرض ، تعين كون المأمور به في الفرض المذكور مقيدا لبا بما يترتب عليه الغرض ، ولازم ذلك عدم تحقق الامتثال بمجرد حصول الفعل ، بل يكون مراعى بترتبه عليه ، فتبديله بفرد آخر قبل ذلك لا يكون من تبديل الامتثال ، بل من العدول عن الامتثال بفرد للامتثال بغيره ، نظير العدول قبل الفعل. وهذا هو الوجه فيما ذكره من أن الأمر بحقيقته وملاكه لم يسقط بعد ، وإلا ففرض تحقق الامتثال بالفرد الأول لا يناسب عدم سقوط الأمر.
وأما مسألة إعادة الصلاة جماعة ـ التي تضمنتها جملة من النصوص (١) ـ فهي لا تبتني على تبديل الامتثال ، إذ لا إشكال في تحقق الامتثال بالصلاة الأولى وسقوط الأمر ، ومعه لا موضوع لامتثال آخر ، بل على مشروعية الإعادة واستحبابها بملاك زائد على ملاك أمر الفريضة الممتثل ، إما أن يقتضي استحباب الإعادة زائدا على أصل الماهية ـ كما يقتضيه ما تضمن أن له بذلك صلاة أخرى (٢) ، وقد يستفاد من غيره (٣) ـ أو يبتني على استحباب اختيار الفرد الأفضل ، كالصلاة جماعة أو نحوها. غاية الأمر أن ظاهر دليل تشريع الفرد
__________________
(١) راجع الوسائل ج : ٥ باب : ٦ ، ٥٤ من أبواب صلاة الجماعة.
(٢) الوسائل ج : ٥ باب : ٥٤ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢.
(٣) راجع الوسائل ج : ٥ باب : ٦ من أبواب صلاة الجماعة.