خرج المبغوض الأصلي بعده عن الاختيار ، نظير مخالفة الأمر الموسع التي لا تتحقق إلا بترك آخر الأفراد الطولية الممكنة ، دون الأفراد السابقة عليها ، وإن كان ناويا للترك من أول الأمر. غاية الأمر أن القصد المذكور موجب للقبح الفاعلي في حقه ، وهو أمر آخر لا يرجع إلى المخالفة بفعل الأجزاء الأولى لعلة الحرام في المقام وبترك الأفراد الأولى في الواجب الموسع. وإلى ما ذكرنا يرجع ما ذكره المحقق الخراساني قدسسره من اختصاص الحرمة بالمقدمة التي يمتنع معها ترك الحرام.
نعم لو كان الإتيان بالجزء الأول لعلة الحرام بقصد التوصل للحرام فالظاهر تحقق التمرد به ، لا بملاك المخالفة ، بل بملاك آخر ، نظير فعل مقدمة الحرام برجاء ترتبه عليها مع عدم العلم بانضمام بقية أجزاء العلة إليها. وأما لو أتي به لا بقصد التوصل للحرام فلا مخالفة ولا تمرد أصلا ، ولو مع العلم بترتب الحرام عليه بالاختيار للعزم على فعل الحرام بعد تمامية مقدماته.
ومما ذكرنا يظهر ضعف ما ذكره بعض الأعيان المحققين قدسسره في المقام من حرمة الموصلة ـ بذاتها لا بقيد الإيصال ـ مطلقا ولو عدم قصد التوصل للحرام ـ نظير ما هو المختار له ولنا في مقدمة الواجب ـ فإنه يبتني على حرمة تمام أجزاء العلة في ظرف تماميتها ولو تدريجا. وهو في غير محله ، لأنه حيث يكفي في عدم تحقق المبغوض عدم أي جزء من أجزاء علته ، فلا وجه لمبغوضية تمامها في ظرف اجتماعها.
نعم لو فرض وجودها دفعة تعين استناد المخالفة والعصيان للكل ، لا لمبغوضية الكل بنحو المجموع ، بل لعدم المرجح بعد صلوح كل منها لانطباق الوجود البدلي عليه ، نظير ترك تمام الأفراد العرضية للواجب البدلي ، فإنه إنما يقتضي المخالفة بترك الكل ، لعدم المرجح بينها في استناد الوجود البدلي المطلوب إليه ، لا لإرادة الكل بنحو المجموع.