النظر عن الاستعمال ، وإنما تتحقق به ، كما تتحقق الإشارة الخارجية بمثل تحريك اليد والعين.
نعم ، لما كانت الإشارة تتعلق بمشار إليه له تقرر في نفسه مع قطع النظر عنها وكانت مستلزمة لحضوره في الذهن فقد يدعى أنها حاكية عنه وأن معانيها إخطارية ، ولذا عدت من الأسماء ولحقتها خواصها ، فصلحت لأن تكون طرفا للنسب التامة والناقصة. ويتجه حينئذ الكلام في عموم معناها وخصوصه.
لكن الظاهر عدم حكايتها عن المشار إليه بنفسه ، ولا عن معنى يعمه ، على نحو حكاية الأسماء عن مسمياتها ، ليكون ذلك معناها المطابق لها ، بل لما كان المشار إليه يحضر بنفسه في الذهن بسببها تبعا لتحقق الإشارة ـ كما هو الحال في الإشارة الخارجية ـ يكون الحكم عليه ، لا على اسم الإشارة بما هو ذو معنى محكي به. ولذا لا يكون المشار إليه ارتكازا معنى لها ولا مصداقا لمعناها ـ مع قطع النظر عن استعمالها الخاص ـ بنحو يحمل عليها بالحمل الأولي الذاتي أو الشائع الصناعي ، كما تكون ذات زيد مثلا معنى للفظه ومصداقا لمعنى رجل مع قطع النظر عن استعمالها فيه.
ومثلها في ذلك هيئة الأمر فإنها مستعملة لإيجاد النسبة البعثية وإنشائها. ودلالتها على الطلب النفسي الواقعي بالملازمة العرفية ، لكونه الداعي النوعي لإنشاء النسبة المذكورة عرفا. وكذا أسماء الأفعال التي هي بمعنى فعل الأمر ، بل وكذا غيرها من أسماء الأفعال وهيئات وأدوات المدح والذم والتأكيد والقسم ، فإن الظاهر سوقها لإيجاد مضامينها في مقام البيان والكلام دون الحكاية عنها بها ، غاية الأمر أن يكون الداعي النوعي للاستعمال هو بيان وجود ما يناسبها في النفس. وهذا كله ظاهر.
وإنما الإشكال فيما يتضمن من الحروف والهيئات النسب التي لها