وحدّ قوم ذلك بثلاثمائة ذراع ، وقالوا علىٰ هذا ان وقف وبينه وبين الامام ثلاثمائة ذراع ، ثم وقف آخر بينه وبين هذا المأموم ثلاثمائة ذراع ، ثم علىٰ هذا الحساب والتقدير بالغاً ما بلغوا ، صحت صلاتهم .
قالوا : وكذلك اذا اتصلت الصفوف في المسجد ، ثم اتصلت بالاسواق والدروب والدور ، بعد ان يشاهد بعضهم بعضاً ويرىٰ الأولون الامام ، صحت صلاة الكل .
وهذا قريب علىٰ مذهبنا ايضاً (١) .
فيمكن ان يشير الىٰ جميع ما تقدم ، فيكون رضي بالثلاثمائة . ويمكن ان يشير بالقرب الىٰ الفرض الأخير خاصة ، فلا يكون راجعاً في التقدير بثلاثمائة ذراع ، وهو الانسب بقوله : وحدّ البعد ما جرت العادة بتسميته بعداً .
وقال ابو الصلاح ـ رحمهالله ـ وابن زهرة ـ قدس الله روحه ـ : لا يجوز ان يكون بين الصفين من المسافة ما لا يتخطى (٢) لحسن زرارة عن الباقر علیهالسلام قال : « إن صلّىٰ قوم ، وبينهم وبين الامام ما لا يتخطىٰ ، فليس ذلك الامام لهم بامام . وأي صف كان اهله يصلون بصلاة الامام ، وبينهم وبين الصف الذي يتقدمهم قدر ما لا يتخطىٰ ، ليس لهم تلك بصلاة » (٣) .
وحمل علىٰ الاستحباب ، أو علىٰ ان المراد بـ « ما لا يتخطىٰ » الحائل . ذكر ذلك في المختلف (٤) ، وفيه بعد ، من ان الحائل لا يتعذّر بذلك ، إذ
__________________
(١) المبسوط ١ : ١٥٦ .
(٢) الكافي في الفقه : ١٤٤ ، الغنية : ٥٦٠ .
(٣) الكافي ٣ : ٣٨٥ ح ٤ ، الفقيه ١ : ٢٥٣ ح ١١٤٤ ، التهذيب ٣ : ٥٢ ح ١٨٢ .
(٤) مختلف الشيعة : ١٥٩ .