وقوله عليه الصلاة والسلام : « لا صلاة لجار المسجد » (١) محمول علىٰ نفي الكمال ، خصوصاً إذا كان لا يحضر أحد إلّا بحضوره ، أو تكثر بحضوره الجماعة ، فأنّ حضوره فيه أفضل .
وإذا تكثرت المساجد فالأفضل قصد المسجد الجامع ، أو الأكثر جماعة ، أو من إمامه أفضل بورع أو فقه أو قراءة ، أو غير ذلك من المرجّحات . فقد ورد في الحديث عن النبي صلىاللهعليهوآله : « من صلّىٰ خلف عالم فكمن صلّىٰ خلف رسول الله صلىاللهعليهوآله » (٢) .
ولو تساوت في المرجّحات ، فهل الأقرب أولىٰ مراعاة للجوار ، أو الأبعد مراعاة لكثرة الخُطىٰ ؟ نظر .
الرابعة : إذا صُلّي في مسجد جماعة كره أن تُصلّىٰ فيه جماعة اُخرىٰ عند الشيخ ـ في أكثر كتبه ـ وابن إدريس : إذا كانوا يجمعون في تلك الصلاة بعينها (٣) .
لما رواه أبو علي قال : كنا عند أبي عبد الله علیهالسلام ، فأتاه رجل فقال : جعلت فداك صلينا في المسجد الفجر وانصرف بعضنا وجلس بعض في التسبيح ، فدخل رجل المسجد فأذّن فمنعناه ودفعناه عن ذلك . فقال أبو عبد الله علیهالسلام : « أحسنت ، ادفعه عن ذلك ، وامنعه أشد المنع » . فقلت : فإن دخلوا وأرادوا أن يصلّوا فيه جماعة ؟ قال : « يقومون في ناحية المسجد ولا يبدر لهم امام » (٤) .
__________________
(١) التهذيب ١ : ٩٢ ح ٢٤٤ ، سنن الدارقطني ١ : ٤٢٠ المستدرك علىٰ الصحيحين ١ : ٢٤٦ ، السنن الكبرىٰ ٣ : ٥٧ .
(٢) مستدرك الوسائل ٦ : ٤٧٣ ح ٧٢٨٦ عن لب اللباب ، وراجع كشف الخفاء ٢ : ١٢٢ ح ١٨٦٥ .
(٣) المبسوط ١ : ١٥٢ ، الخلاف ١ : ١٢٠ المسألة ٢ ، النهاية : ١١٨ ، التهذيب ٣ : ٥٥ .
(٤) التهذيب ٣ : ٥٥ ح ١٩٠ .
وفي الفقيه ١ : ٢٦٦ ح ١٢١٥ : « ولا يبدو لهم امام » وراجع في ذلك الحدائق الناضرة ٧ : ٣٨٧ .