ولما فيه من التهاون في تأخير الصلاة ليقتدي بالامام الآخر ، وربما ادّىٰ إلىٰ اختلاف القلوب الذي تتسبب عنه العداوة .
والاقرب عدم الكراهية ، لعموم شرعية الجماعة ، ومسيس الحاجة فان اجتماع اهل المسجد دفعة واحدة يكاد يتعذّر ، فلو كره ذلك أدّىٰ إلىٰ فوات فضيلة الجماعة .
وروىٰ زيد بن علي ، عن أبيه ، عن آبائه ، قال : « دخل رجلان المسجد وقد صلّىٰ علي علیهالسلام بالناس ، فقال : ان شئتما فليؤمّ أحدكما صاحبه ، ولا يؤذن ولا يقيم » (١) .
وروي : ان رجلاً دخل المسجد بعد ان صلّىٰ النبي صلىاللهعليهوآله فقال : « أيكم يتّجر علىٰ هذا ؟ » فقام رجل فصلّىٰ معه (٢) .
وفي رواية : « ألا رجل يتصدّق علىٰ هذا فيصلّي معه » ، فلما صلّيا قال : « هذا جماعة » (٣) .
وخبر ابي علي ليس صريحاً في كراهة الجماعة ، انما هو في كراهة الأذان والاقامة ، ولا ريب في كراهيتهما إلّا مع تفرّق الصفوف . وبما قلناه قال الشيخ في النهاية والفاضل رحمهماالله (٤) .
نعم ، لو كان التخلّف عن الامام الاول قصداً كره ذلك علىٰ معنىٰ نقص ثواب الجماعة الثانية ، لما فيه من اختلاف القلوب ، ويمكن ان يكون هذا محملاً للخبر الاول .
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٢٨١ ح ١١١٩ ، ٣ : ٥٦ ح ١٩١ .
(٢) مسند احمد ٣ : ٥ ، الجامع الصحيح ١ : ٤٢٧ ح ٢٢٠ ، مسند ابي يعلىٰ ٢ : ٣٢١ ح ١٠٥٧ ، سنن الدارقطني ١ : ٢٧٧ .
(٣) مسند احمد ٥ : ٢٥٤ ، ٢٦٩ .
(٤) النهاية : ١١٨ ، مختلف الشيعة : ١٥٣ .