وخالف كتابه ، ومن خالف كتابه عز وجل لم يجز فعله ، وقد جاءت رواية عن أبي عبدالله دخلت من أجلها الشبهة على بعض من انتحل قوله ، وهي أنه سئل عن رجل أوصى لقرابته فقال : « يجوز ذلك لقول الله عز وجل : ( إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ) (٢) » والذي ذكرناه عنه وعن آبائه الطاهرين ( عليهم السلام ) ، هو أثبت ، وهو إجماع من المسلمين ، فقد روينا عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، أنه قال : « لا وصية لوارث [ قد ] (٣) فرض الله عز وجل لأهل المواريث فرائضهم » فإن ثبت عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ما ذكرناه آخراً ، فإنما عنى بالوالدين والأقربين غير الوارثين ، كالقرابة الذين لا يرثون يحجبهم من هو دونهم ، وكالوالدين المملوكين أو المشركين ، وقد ذكرنا فيما تقدم أن المملوك يشترى من تراث وليه فيعتق ويرث باقيه . وقد يكون المراد بالوصية للوالدين والأقربين بالمعروف ، كما قال الله عز وجل ، أي بما يستحقون من الميراث وهو المعروف ، كالرجل تحضره الوفاة فيوصي لورثته بماله على فرائضهم ، أو يدفع ذلك إليهم في حياته على ما جعل الله عز وجل [ لهم ] (٤) ، لئلا يتشاجروا فيه بعده ، أو ينكر بعضهم بعضاً ، وقرابتهم منه .
قلت : ما ذكره موافق للعامة ، مخالف لإِجماع الإِمامية ، وأخبارهم المستفيضة ، وإن كان فيها أيضاً ما يطابق ما ذكره ، إلّا أن الأصحاب أعرضوا عنه ، وحملوه على التقية ، وبعض محامل اخر ، ولعله لم يطلع على أخبارهم واتفاقهم بأنه كان في بلد شاسع عن مراكزهم ، وقد شرحنا عذره فيما ذهب إليه من أمثال هذه الموارد في الخاتمة ، في شرح حال كتابه .
__________________________
(٢) البقرة ٢ : ١٨٠ .
(٣) أثبتناه من المصدر .
(٤) اثبتناه من المصدر .