ركينا من أركان العلم ، له وفادات إلى حضرموت ، ثافن (١) فيها العلماء ، وأخذ فيها عن مسند حضرموت ـ بل اليمن ، بل الدّنيا ـ سيّدنا الأستاذ الأبرّ عيدروس بن عمر الحبشيّ ، ولعلّ ذلك في حدود سنة (١٣١١ ه).
وكان معه في تلك القدمة ابن له منوّر القلب ، صافي السّريرة ، مستوقد الذّكاء ، يحفظ عدّة من المتون على صغر سنّه ، ولكنّه نغّص شبابه فمات عبطة (٢) مرجعه من حضرموت.
ويقال : إنّ سبب موته انبهار قلبه ممّا رأى من الأشعّة النّورانيّة على غرر السّادة الأجلّاء بحضرموت ؛ كالسّادة عبد الله بن عمر بن سميط ، والأستاذ الأبرّ عيدروس بن عمر ، وعبد الله بن حسن البحر ؛ إذ كان رآهم مجتمعين في حفل مشهود فانشقّت مرارته ، فعظم عليه وجد أبيه.
والشّيخ محمّد بن عمر بن سلم هو مؤسّس رباط الغيل ، وكانت وفاته سنة (١٣٢٩ ه) ، وابنه أحمد الآن من مشاهير الرّواق اليمانيّ بالأزهر الشّريف.
وآل ابن سلم بيت علم وصلاح ، منهم : الشّيخ عليّ بن سلم ، تلميذ سيّدنا عبد الله باعلويّ المتوفّى سنة (٧٣١ ه).
وفي الغيل المذكور جماعة من أعقاب السّيّد أبي نميّ بن عبد الله بن شيخ بن عليّ المندرج ابن فدعق بن محمّد بن عبد الله بن امبارك بن عبد الله وطب ، منهم الآن :
الفاضل السّيّد محسن بن جعفر بونميّ (٣) ، فقيه ذكيّ بحّاثة ، تولّى القضاء بالمكلّا والغيل مرّات.
__________________
عمر بن سلم في (٦) محرم (١٣٢٩ ه) ، عن أربعة وخمسين عاما رحمه الله تعالى. ينظر «صفحات من التّاريخ الحضرميّ» (٢٠١ ـ ٢١٣).
(١) ثافن : لازم.
(٢) يقال : مات فلان عبطة .. أي شابّا سليما لم تصبه علّة.
(٣) السّيّد محسن بن جعفر بونمي ، مولده بغيل باوزير سنة (١٣٠٦ ه) ، وكان من أوائل الطّلبة الملتحقين برباط الغيل عند افتتاحه سنة (١٣٢٠ ه) ، وكان من أبرزهم استفادة وحرصا على دروس العلّامة ابن سلم ، فتوسّعت معلوماته الفقهيّة واللّغويّة ، إلى شغفه بالقراءة والمطالعة ، حتّى لا يكاد يرى إلّا وفي يده كتاب. وكان ينفق على شراء الكتب بسخاء نادر ، ويبحث عن القيّم منها والجيّد ، فكان يحوز على مكتبة عامرة بشتّى العلوم والفنون. وصار بعد ذلك مرجعا للفتوى والاستشارات