__________________
السّياسيّة بدءا من سنة (٥٧٥ ه) .. إلّا أنّ صاحب «الشّامل» (١١٠ ـ ١١٥) أورد أخبارا ومعلومات هامّة عن تاريخ الشّحر القديم إلى سنة (٥٤٩ ه) ولأنّها أخبار مختصرة ومجملة فنذكرها لفائدة القارىء ؛ قال العلّامة الحدّاد :
(للشّحر تاريخ طويل ، هو جزء من تاريخ حضرموت ، فنذكر هنا كلاما إجماليّا كالمقدمة لما يأتي والتّوطئة. فقد تداولتها أيد كثيرة ، فذكروا أنّها كانت بأيدي سبأ أيّام ملكهم ، ثمّ خلفتهم حضرموت ، فمهرة ، ثمّ تولّاها الفرس وجعلوا (اسبيخت) أي واليا من جهتهم.
ثمّ جاء الإسلام وهي كذلك .. فدخلت تحت حكم الخلفاء الرّاشدين ، ثمّ الملوك من بني صخر بن حرب الأمويّ ، ثمّ دخلت تحت حكم ابن الزّبير حتّى قتل ، فتولّاها ملوك بني مروان الأمويّون ، إلى أن ولي الأمر مروان بن محمّد الملقّب بالحمار ، فظهر في أيّامه عبد الله بن يحيى الكنديّ الإباضيّ وملكها مع سائر حضرموت واليمن ومكّة والمدينة ، ثمّ جاءته جنود بني مروان فقضت عليه ، وعادت إليهم مع سائر حضرموت ، ثمّ عادت إلى الإباضيّة في فترة الحرب بين بني العبّاس وبني مروان إلى سنة (١٤٠ ه). فجهز المنصور العباسيّ معن بن زائدة ، وأوعب معه الخيل ، قيل : إنّه جهّز معه أربعين ألف فارس .. فاستباح اليمن وحضرموت ، واستخلف ابنه زائدة بن معن بن زائدة ، فأقام في اليمن ثلاث سنين ، ثمّ توالت الأمراء من بني العبّاس. حتّى كانت سنة (٢٠٦ ه) ، فجاء ألف من مسودة خراسان مددا للأمير الّذي ولّاه المأمون العبّاسيّ على اليمن ، وهو محمّد بن زياد من ذرّيّة زياد ابن سميّة ، فعظم أمر ابن زياد وملك إقليم اليمن بأسره ، حضرموت بأسرها ، والشّحر ومرباط وأبين وعدن والتّهائم إلى حلي ابن يعقوب.
وملك من الجبال الجند وأعماله ، ومخلاف جعفر ، ومخلاف المعافر ، وصنعاء وأعمالها ، ونجران وبيحان والحجاز بأسره ، وخلفه بعد وفاته سنة (٢٤٥ ه) ابنه إبراهيم بن محمّد ، ثمّ ابنه زياد بن إبراهيم ، ثمّ أخوه أبو الجيش إسحاق بن إبراهيم في حدود سنة (٢٩٠ ه) ، فاستولى على ما كان جدّه مستوليا عليه ، ومنه حضرموت بأسرها والشّحر. وطالت ولايته نحو ثمانين سنة ، فتمنّعت عليه أطراف البلاد. واستبدّ عنه أسعد بن أبي يعفر بن عبد الرّحيم الحواليّ ، ثمّ أخوه محمّد بن أبي يعفر ، فغزا حضرموت وأجناحها. ثمّ تولّتها مهرة ؛ منهم أبو ثور المهريّ ، ثمّ عادت إلى أيدي بني زياد ، وكانت الشّحر بيده إلى سنة (٣٦٦ ه) كما ذكر ذلك عمارة في «مفيده» ، وتوفّي أبو الجيش الزّياديّ سنة (٣٧١ ه) ، ثمّ تولّى بعده ابنه ، ثمّ انقرضوا. فقام بالأمر عبد الحسين بن سلامة ، وكان أميرا نوبيّا كبيرا).
إلى أن قال : (وأقام في الملك ثلاثين سنة ، وتوفّي سنة (٤٠٢ ه) ، واضطرب ملك بني زياد بعد وفاته ، واستولى بنو معن من العوالق على عدن وأبين وحضرموت والشّحر. ثمّ ثار الدّاعي أبو الحسن عليّ بن محمّد بن عليّ الصّليحيّ القائم بدعوة العبيديّين المصريّين ، فطوى اليمن طيّا ، ولكنه أبقى بني معن نوّابا عنه ، فلمّا قتل سنة (٤٥٩ ه) .. تغلّب بنو معن على ما بأيديهم من البلاد ، ثمّ