ـ ومما يزيد الكتاب أهمية : أنه يؤرخ لأرض هي مكنونة عذراء ، لم تعتورها أقلام الباحثين ، ولم تجلها يراعة المؤرخين ، فهي من الأبكار الحسان ، والمراتع المجفوة في الماضي والحاضر ، على ما بها من مآثر.
ـ وإن تعجب ... فعجب لأولئك الأجانب من مختلف الجنسيات من عشاق الآثار ، المغرمين بالتراث العربي ، والتراب الحضرمي ، فنراهم بين الفينة والأخرى يؤمون هذه المناطق على ما بها من مناخ مغاير لأجواء بلادهم التي غادروها ، وعلى تباين العادات والمطعومات والتضاريس.
ورغم ذلك نراهم في قمة النشوة مستمتعين بتلك المناظر والمآثر ، ويعتقدون أنّا لا نقيم لمآثر أجدادنا وزنا.
ـ ومما جعل الكتاب من الأهمية بمكان : أنه يترجم لأعلام موفقين وعلماء مجاهدين ، ساهموا في بناء الفكر الإسلامي ، بل وامتداد رقعته ، فحظوا بشرف الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة ، وتبيان محاسن الإسلام ، والتطبيق الفعلي لأحكامه ، وآدابه ، فهدى الله تعالى بهم في جنوب شرق آسيا خلائق لا تحصى ، بدون أن تراق قطرة محجم ، وهذا مصداق للحديث الصحيح : «والحكمة يمانية».
وكان من عوامل الدفع لدار المنهاج لاستخراج هذا السفر من مكامنه ما يلي :
أولا : أن من المقاصد الشرعية التي تجلت في مواضع عدة من التنزيل الحكيم العظة والاعتبار بمن مضى ، وتذكر من قضى ممن طواهم الزمان ، ولم تبق إلا مآثرهم الحسان.
وإنّما المرء حديث بعده |
|
فكن حديثا حسنا لمن وعى |
وهذا السفر يحقق هذا المقصد.