فقالوا له : إنّه عند المراكيب ، فأخّر عشاءه حتّى نفرغ ، قال : لا يمكن أن نأكل إلّا ويده مع أيدينا.
واتّفق أنّ الحبيب دخل شباما بعد أمّة من الزّمان واجتمع بكلّ أولئك في الجامع ، ولم يقل له أحد تفضّل إلى منزلي ، وأبوا بلسان الحال أن يضيّفوه ، فاضطرّ إلى الخروج من شبام قريب المغرب ، فلاقاه ابن مهريّ خارجا من سدّة شبام وعزم عليه وألحّ ، وذبح له منيحة ولده ، فأنشأ الحبيب قصيدة يقول فيها :
علي بن حسن حوّط الغيوار وامسى مزار |
|
وامسيت يالجحي جنّه بعد ما كنت نار |
يا القروي القار يا عرق الحدج يا قرار |
|
حبّ القبيلي وقيراط القبيلي بهار |
وان جيت صرّ القبيلي ما لطف في الصّرار |
وسيأتي في شبام أنّ لأهلها مكارم غزيرة ، ومحاسن كثيرة ، إلّا أنّهم لا يقرون الضّيف ؛ لضيق منازلهم وكثرة أشغالهم.
وكلام الحبيب في «ديوانه» ، وإن خرج عن قواعد الإعراب .. فإنّه عذب اللهجة ، حلو السّياق ، خفيف الرّوح.
أخذ عن كثير من المشايخ ، مرّ ذكر جملة منهم ، ومنهم : جدّ أبيه : الحبيب حسين بن عمر العطّاس ، وجدّه عبد الله بن جعفر مدهر ، والسّيّد أحمد بن زين الحبشيّ ، وغيرهم.
وكانت وفاته بالمشهد سنة (١١٧٢ ه) ، ولا يزال أولاده يتوارثون منصبه على البرّ والتّقوى ، وإكرام الضّيف ، وإعانة المنكوب ، وتأمين الخائف ، والإصلاح بين النّاس ، والحجز ما بين المتحاربين.
والقائم بمنصبهم الآن هو : أخونا المنصب السّيّد أحمد بن حسين بن عمر بن هادون (١) ، سخيّ الكفّ ، سليم الصّدر ، خفيف الرّوح ، قليل الغضب ، لا يشينه
__________________
(١) السيد الشريف أحمد بن حسين بن عمر بن هادون بن هود بن علي بن حسن العطاس ، ولد سنة (١٣٠١ ه) ، وتوفي سنة (١٣٧٨ ه) ، أخذ العلم عن عدد من الشيوخ ، وكان شهما كريما حكيما حليما.