إذا رأوا للمنايا عارضا .. لبسوا |
|
من اليقين دروعا ما لها زرد (١) |
نأوا عن المصرخ الأدنى فليس لهم |
|
إلّا السّيوف على أعدائهم مدد (٢) |
ومن أخبار آل سالم بن عليّ ـ وهم صالح بن سالم وحسين بن سالم ، وعليّ بن سالم ـ أنّ أحد آل جوفان في حدود سنة (١٣٣٠ ه) كان يمشي بحمل من الحطب ، ومعه عبد صغير لآل الشّيخ المشار إليهم ، فلقيه بعض الغرباء من يافع ، وكان يطلبه بثأر .. فأرداه ، فسار العبد يقود بعير الجوفانيّ ، وأخبر مولاه الشّيخ حسين بن سالم بن عليّ ، فجمع أولاده وقال لهم : أمّكم طالق بالثّلاث إن لم تبيّضوا وجهي اليوم ولم أقتل أحدا منكم غدا.
فخفّوا إلى شبام ـ وعليها الشّيخ يحيى بن عبد الحميد بن عليّ جابر نائبا من جهة السّلطان غالب بن عوض ـ وحالا طلعوا إلى الحصن ، وأغلقوا الأبواب ، وقالوا للشّيخ : إمّا أن تسلّم لنا القاتل ، وإلّا .. تقاسمنا الموت في هذا المنزل حتّى لا يسلم إلّا من عصمه الأجل.
ولمّا عرف أنّ الأمر جدّ .. تخلّص من فناء النّفوس الكثيرة بتسليمه ، وما كادوا ينفصلون به عن شبام حتّى ذبحوه ، غير أنّ السّلطان غالبا تميّز من الغيظ على يحيى ولم يولّه عملا بعدها ، وقد تمكّن منه ، ولو لا أنّه جبل على العفو وكلّمه النّاس .. لقطّعه إربا إربا ؛ لأنّه كان قدر عليه ؛ لأنّه لو لم يرض .. لم يقدر آل الشّيخ على ما فعلوا ، ففي القضيّة ضمير تقديره : أنّ آل الشّيخ عليّ أرضوا آل عليّ جابر ، وإلّا .. فما كانوا ليؤخذوا ضغطة ، وإنّما أشاعوا ما سبق للتّغطية ، وإلى ذلك يشير شاعر الهند المجهول الملقّب بالفرزدق :
يا بن علي جابر تحيّل |
|
ما الجماعه للنقود |
__________________
(١) العارض : السّحاب المعترض في السّماء وكأنّه يبشّر بهطول المطر ، وهو هنا على الاستعارة ؛ أي : إذا رأوا بوادر وعوارض الموت .. فرحوا بذلك وثبتوا بشكل غريب ، وهو أنّهم يثبتون ويقاتلون بدروع ليس لها زرد ؛ أي : حلق. والله أعلم.
(٢) المصرخ : المغيث.