ينفصل الأمر بأثر المناظرة مع السّيّد أحمد بن جعفر إلّا بتسليم ما قال ، وكان ذلك حدثان وصول «نيل الأوطار» للشّوكانيّ إلى حضرموت.
ومع ذلك .. فلا أجزم بأنّ الاقتناع كان لذلك ؛ إذ يحتمل أن يكون في صيغة الطّلاق ما يعود عليه بالإبطال على المذهب الشّافعيّ ، والله أعلم.
وفي النّفس شيء ممّا نقله الشّيخ عبد الله باسودان عن السّيّد يوسف البطّاح الأهدل ، من حصول التّثليث مثلا بقول المصلّي في الرّكوع : (سبحان ربّي العظيم وبحمده ثلاثا) ، وفي السّجود مثله ؛ أخذا من حديث «سبحان الله وبحمده عدد خلقه» [م (٢٧٢٦) (٧٩)].
والّذي لا أشكّ فيه : أنّه كلام أجنبيّ تبطل به الصّلاة ، فضلا عن أن تحصل به السّنّة.
ثمّ رأيت العلّامة السّيّد محمّد بن عبد الرّحمن الأهدل نقل عن شيخه محمّد بن أحمد بن عبد الباري الأهدل عن السّيّد عبد الله بن يحيى بن عمر الأهدل مثل ما ذكرته من بطلان الصّلاة بذلك ، وكفى بهؤلاء حجّة ، فلله الحمد على التّوافق.
وكان السّيّد أحمد بن جعفر يقوم من مجالس أصحابه ومدارسهم إذا سمع بما لا يوافق مشارب الوهّابيّة ، ثمّ صار ينكر عليهم أحيانا بلسانه ، ولكنّه لم يصبر حين أنشدوا الأذكار في المسجد على نغمات الدّفوف ، ولم يتمالك أن نهض لتكسيرها ، فلبجوه لبجا (١) شديدا ذهب منه مغاضبا إلى خشامر عند آل الشّيخ عليّ جابر الوهّابيّين ولكنّه غيظ الأسير على القدّ (٢) ، وما أدري أبقي بخشامر إلى أن مات ، أم راجعه قومه؟
وما كان ذلك ليكون في عهد سيّدنا البحر ، وإلّا .. لأدّى الواجب من نصرته.
ورأيت كتابا سيّره له أحد السّادة آل السّقّاف من قسم ، يقول له فيه : (أمّا أهل
__________________
(١) لبجوه لبجا : ضربوه ضربا.
(٢) القدّ : حبل يشدّ به الأسير. قال أبو الطّيّب المتنبّي :
وغيظ على الأيّام كالنّار في الحشا |
|
ولكنّه غيظ الأسير على القدّ |
والمعنى : لي غيظ على الأيّام يلتهب في الحشا التهاب النّار ، ولكنّه غيظ على من لا يكترث ولا يبالي بغيظي ، فهو كغيظ الأسير على ما يشدّ به من القدّ.