مجلس الأعمش ، وهو محتاج إلى درهم) ، ولئن صحّ هذا أو لا .. فقد جاء العيان بسيّد الوادي فألوى بالأسانيد.
مناقب يبديها العيان كما ترى |
|
وإن نحن حدّثنا بها دفع العقل (١) |
وقد اعترف السّيّد أحمد بن عليّ الجنيد ـ وهو من أقرانه ـ بالعيّ عن وصف ما شاهده من أعماله واجتهاده في سفره .. فكيف بمثلي؟
وهو بذلك جدير ؛ إذ الإمام البحر أكبر من قول أبي الطّيّب [في «العكبريّ» ١ / ٣٥٢ من البسيط] :
لم أجر غاية فكري منه في صفة |
|
إلّا وجدت مداها غاية الأبد |
على أنّني لا أريد من عدم النّفاد إلّا ضيق العبارة عن سعة المعاني ، وإلّا .. فكلّ شيء في الحياة نافد ما عداه جلّ جلاله.
وكان جدّي المحسن كثيرا ما يقول : إنّنا لا نعني الجوارح إلّا بطريق المجاز عندما نقول : اللهمّ متّعنا بأسماعنا وأبصارنا ، وأمّا على الحقيقة .. فلا نقصد إلّا حسن بن صالح ، وأحمد بن عمر بن سميط ، وعبد الله بن حسين بن طاهر ، فهؤلاء الثّلاثة هم أركان الإسلام والشّرف لذلك العهد ، فلله درّ البحتريّ في قوله [في «ديوانه» ٢ / ٧٧ من الطّويل] :
فأركانهم أركان (رضوى) (ويذبل) |
|
وأيديهم بأس اللّيالي وجودها |
وقد كان بينهم من التّصافي والاتّحاد ما يشبه امتزاج الماء بالرّاح ، والأجسام بالأرواح ، وكلّ واحد منهم أمّة تنكشف به الغمّة.
لعمرك ما كانوا ثلاثة إخوة |
|
ولكنّهم كانوا ثلاث قبائل (٢) |
والمفاضلة بينهم لا تليق بمثلي ، ومن دون ذلك الفلوات الفيح والعقبات
__________________
(١) البيت من الطّويل ، وهو لأبي الفتح البستيّ في «ديوانه».
(٢) البيت من الطويل ، وهو من قطعة لأبي تمّام في «ديوانه» (٢ / ٣٢٢) ، وما أجمل توافق الاستشهاد بهذا البيت مع من ذكرهم من الأعلام وكانوا ثلاثة!.