وهو يسير بسير ضعيفهم ، وكلّما مشى ميلا .. عرض العقبة (١) على مولى له ـ يقال له : فرج ـ يسير أمام دابّته ، ينبو عن جنبه الرّمح ، كأنّه المهر الأرن (٢) من فرط القوّة والنّشاط ، ولكن هكذا كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.
وما قدر ثنائي عليه بعدما كان ثناء مشايخه عليه الباب الواسع؟! ومن قيّل بين ما يأتي آخر هذا الكتاب من احتياط سيّدنا عبد الله بن حسين بلفقيه في توثيق الرّجال .. وبين ممادحه الضّخمة للأستاذ الأبرّ في أيّام شبابه .. عرف صدق ما أقول.
وصحّ أنّ أبناء الإمام الشّهير عبد الله بن حسين بن طاهر عادوا من زيارة دوعن ، ولمّا سألهم أبوهم : هل عرّجتم على الولد عيدروس بن عمر؟ قالوا : لا. قال : لا تحلّوا الرّحال حتّى ترجعوا فتزوروه ؛ لأنّ الأمر كما قال ذو الرّمّة [في «ديوانه» ٢٧٠ من الوافر] :
تمام الحجّ أن تقف المطايا |
|
على خرقاء واضعة اللّثام |
ومع إجماع النّاس على تفضيله ، وإصفاقهم بتفرّده ؛ لأنّ أمره كما قال الشّريف الرّضيّ [في «ديوانه» ٢ / ٤٠٣ من الطّويل] :
ولو لم يقرّ الحاسدون بمجده |
|
أقرّوا على رغم بفضل التّقدّم |
.. فإنه لم يسلم من أذى الحسّاد ، بل كان له منه النّصيب الكاثر ، إلّا أنّه لمّا أبرّ عليهم .. سقطت هممهم عن منافسته ، وكانوا معه كما قال مروان [في «ديوانه» ٧٤ من الطّويل] :
فما أحجم الأعداء عنك بقيّة |
|
عليك ولكن ما رأوا فيك مطمعا |
ولمّا لم يجدوا وسيلة لما يشفي ضباب ضغنهم عليه .. أرضوا المعلّم عليّ بن سعيد حميد ابن عبد هود على أن يسحره ـ وكان متمكّنا في ذلك الفنّ ـ ففعل.
ولمّا عرف خبره وانكشف أمره .. جاؤوا به إلى حضرة الأستاذ ، فاعترف وقال :
__________________
(١) العقبة : النّوبة.
(٢) الأرن : النّشيط.