فما تلكم الأخلاق إلّا مواهب |
|
وإلّا حظوظ في الرّجال تقسّم (١) |
وبعد أن فرغ من صلاة العصر على أتمّ حال .. أمر بأن يوجّه إلى القبلة على شقّه الأيمن ، وما كاد ينتهي من الجلالة حتّى فاضت روحه في التّاسع من رجب سنة (١٣١٤ ه) ، ولم يزل حيّا بآثاره المشاهدة ، ومناقبه الخالدة ، ونشره الفائح ، وابنه الصّالح ، غزير الحلم ، ومن له من المكارم أفضل سهم ، والصّادق عليه قول عليّ بن الجهم [من الطّويل] :
فما مات من كان ابنه لا ولا الّذي |
|
له مثل ما سدّى أبوه وما سعى |
فلقد خلفه ولده جمال الدّين محمّد على مزايا فاضلة ، وأخلاق كاملة ، وخيرات شاملة ، ولكنّه لم يطل عمره ، بل مات وشيكا في سنة (١٣١٩ ه) ، واتّفق أن توارد كثير من أهل هذا البيت الطّيّب ـ نساء ورجالا ـ على حياض المنيّة ، قبيل وفاة الأستاذ الأبرّ وعقيبها ، فكانوا كما قيل [من الخفيف] :
أهل بيت تتابعوا للمنايا |
|
ما على الموت بعدهم من عتاب |
وكما قال الرّضيّ [في «ديوانه» ١ / ١٨٢ من الكامل] :
هتف الرّدى لجميعهم فتتابعوا |
|
طلق العطاس بني أب وبني أب |
والقائم في مقامه اليوم ، وترتيب مجالسه ومدارسه : حفيده الفاضل المكرّم عليّ بن محمّد بن عيدروس أخو أحمد السّابق ذكره ، نسأل الله أن يسلك بنا وبه الطّريق ، ويلحقنا وإيّاه بأولئك الفريق ، ويعمّر بنا وبه الدّيار ويحيي بنا وبه الآثار ، ولله درّ أبي عبادة في قوله [في «ديوانه» ١ / ٣٣٦ من الكامل] :
لا عذر للشّجر الّذي طابت له |
|
أعراقه أن لا يطيب جناه |
ونسيت ـ ما أنساني إلّا الشّيطان ـ ذكر أن لا مناسبة بين كلام سيّدنا الأستاذ الأبرّ في مجالسه وبين قلمه ؛ إذ كان لا يريد من قلمه إلّا تقييد الشّوارد وتحصيل الفوائد ، وكذلك كان شعره ضعيفا.
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو للبحتري في «ديوانه» (١ / ١١٢).