بهدنة لمدّة عشر سنوات ، وفيها وعد بتحسين القضاء ؛ لأنّ الجور تفشّى عن مجلسه بسيئون المؤلّف من السّادة : محمّد بن أحمد كريسان ، وعيدروس بن سالم السّوم ، وعبد القادر بن عبد الله الحامد ، والشّيخ محمّد مسعود بارجا ، في مدّة الثّلاث السّنين تفشيا هائلا .. فكان الوعد بإصلاحه من بين سائر الأمور شاهد عدل ودليل صدق على ما تقرّر من فرط فساده وجوره.
ولم يطلبوا توقيعا من أحد على تلك الهدنة بخلاف الأولى ـ فإنّها لم تكن إلّا بالرّضا ـ فلم يرض عبيد صالح بن عبدات بالإذعان لهذه الهدنة بالضغط والإكراه.
وحدث أنّ عبيده ضربوا مولى لابن عمّه حسن بن عوض بن عبدات ، وكان مطرودا في أيّام عمّه عمر من الغرفة ؛ لتعدّيه على المساكين من الرّعايا.
فرفع الأمر إلى سيئون ـ وكان يحسد صالح عبيد ابن عمّه ويبتغي له الغوائل ، ويتطلّب له العثرات طمعا في أن تسند الحكومة إليه إمارة الغرفة ـ فطلبت حكومة سيئون بقوّة الضّابط (انجرامس) إرسال الضّاربين إلى سيئون للمحاكمة .. فامتنع عبيد صالح عن إرسالهم ؛ لأنّه لا يعترف لصاحب سيئون بولاية على بلده الغرفة فليست المحاكمة من اختصاصه ، وحدثت أمور أخرى نشب بها الحرب بين سلطان سيئون وعبيد صالح.
وفي ربيع الأوّل من سنة (١٣٥٩ ه) ألقت الطّائرة كتابا على عبيد صالح يعزم عليه بالحضور إلى سيئون للمحاكمة ، فردّ عليه بأنّه مستعدّ للمحاكمة إلى الشّريعة في الموضع الّذي لا تأثير لدولة الكثيريّ ولا لدولة القعيطيّ عليه.
ثمّ طلب من الضّابط السّياسيّ أن يقوم بتأديبه ، فامتنع إلّا بمبرّر لرميه عليه ، فأمضى نحو ستّين من العلويّين ومن لفّهم بسيئون على مذكّرة تبرّر حربه.
وكان الغبن لو ذلّوا ونالوا |
|
فكيف إذا وقد ذلّوا وخابوا؟! (١) |
فجهّزوا عليه جيشا يقدّر بنحو أربع مئة مقاتل بسائر المعدّات من المدافع
__________________
(١) البيت من الوافر ، وهو للشريف الرضي في «ديوانه» (١ / ١٢٥).