والرّشّاشات وغيرها ، وشرعت الطّيّارات ترمي بقنابلها على ضواحي الغرفة ثمّ عليها ، وتكرّر الهجوم من الجيش البرّيّ ، إلّا أنّه يتراجع في كلّ مرّة.
وقد وصفت الحالة وما جرى على الغرفة من الأنكاد بقصيدة مؤثّرة توجد بموضعها من ثالث أجزاء «الدّيوان».
ودام الرّمي من الطّائرات ومرابطة الجيش حول الغرفة تسعة وعشرين يوما (١) ، ولكن لمّا انضمّت إيطاليا إلى ألمانيا في الحرب الأخيرة .. اهتمّ الإنكليز لذلك ، وسعى لإيقاف حرب الغرفة ، ونشرت إعلانات بأنّ الشّيخ عبيد صالح أذعن لما حكم به عليه ؛ وهو : مغادرة الغرفة في ظرف ستّة أشهر. ودفع غرامة مقدّرة بنحو ثلاثة وثلاثين ألف ربيّة.
وهذا نصّ الإعلان : (ليكن معلوما لدى العموم أنّ عبيد صالح بن عبدات ، أمضى اليوم على وثيقة ، مطيعا لأوامر الحكومة ، أي دفع (٢٥٠٠٠) ربيّة ،
__________________
(١) كان السبب الأول في إشعال فتيل هذه الحرب غير العادلة هو حقد المستر إنجرامس.
وأما البداية .. فقد كانت في مكتب المستشارية البريطانية في سيئون ؛ إذ أصيب جهاز اللاسلكي فيها بخلل ، فأراد انجرامس أن يستخدم الجهاز المماثل الموجود في شبام ، ولما أراد اختراق الغرفة .. اعترضه الحراس ، ولما أذن له بالدخول .. وجد باب الخروج مغلقا ، وأخذه الجنود إلى ابن عبدات بعد تمنع ، ولما قابله .. أخذ ابن عبدات يوبخه على تصرفاته المشينة ، مؤكدا له أن الغرفة هي أرض مستقلة عن التبعية ل (بريطانيا) ، ثم خرج انجرامس ذليلا ، وقد أضمر الشر في نفسه.
بعد هذا .. قامت طائرات سلاح الجو الملكي البريطاني بالقصف الجوي على الغرفة بالقنابل لمدة (٣) أيام دون جدوى ؛ إذ كان الجنود من الحموم متمركزين في أعالي الجبال وأرغموا الطائرات على المغادرة وعدم الاقتراب من سماء الغرفة ، وكان هذا القصف متزامنا مع المساعي البريطانية لتمديد الهدنة إلى (١٠) سنوات قادمة.
ولما أنّ ابن عبدات كان صعب المراس ورجل موقف .. فلم يتقبل هذا التمديد ، فقامت القوات البريطانية بضربه للمرة الثانية ، ولكنها استمرت هذه المرة لمدة (٢٩) يوما ، فضربت الغرفة من الجو (٩) طائرات قاذفة قنابل (فنسنت) بدءا من يوم الأربعاء (٢٤) أبريل (١٩٤٠ م) ، وقدمت من المكلا فرق من الجيش النظامي وشنت هجوما عسكريا ، لكنها باءت بالفشل في اقتحام الغرفة ، واضطرت للانسحاب تحت ضربات رجال المقاومة التابعين لابن عبدات. والغريب أن عددا من القنابل التي رميت بها الغرفة لم تنفجر ، بل كانت تسقط دون أن تحدث أي أضرار تذكر ، وكان الجنود يجمعونها ويعرضونها أمام أسوار الغرفة!!.