وفي غربيّ الفجير ، قرية للحوارث ، يقال لها : ملفوق ، شملها الاندثار ، ولم يبق منها إلّا آثار.
وفي شرقيّها قرية كان يسكنها السّادة آل بامزروع من آل الحبشيّ ، منهم أمّ جدّي المحسن ، لم يبق منها إلّا مسجد صغير ، كثير الأنوار ، مشهور بالأسرار ، يقال له : مسجد باسكن.
القرن : هو مخترف السّادة آل طه بن عمر ، في شرقيّ سيئون على نصف ميل منها ، وكان قرية صغيرة يسكنها الفلّاحون ، ثمّ بنى به جدّنا محمّد بن عمر بن طه بن عمر بن طه بن عمر مسجده الّذي بحضيض الجبل الجنوبيّ ، ثمّ تتابعت البنايات بعد ذلك في البساتين ، ولهذا لا تصحّ ولا تنعقد الجمعة فيها على ما في «مجموع الجدّ طه بن عمر» عن الشّيخ عبد الله بن أحمد بامخرمة ؛ لأنّها لم تخطّ بلدا من البدء.
كان منفصلا عن سيئون في القديم ، ثمّ اتّصلت العمائر. وكانت لهم فيه الدّيار العامرة ، والأفراح الغامرة ، وكانت أيّامه لديهم أعيادا زاهرة ، وقد سبق ذكر ما امتازت به سيئون من الأنس والصّفاء ، ولكنّه لا يعدّ شيئا بالنّسبة لأيّام القرن ولياليها ، فلو شهدتها والبرد (١) ماطرة بالأوراق ، وجاوة دارّة بالأرزاق ، وسمعت طبول الغواني بشجيّات المغاني ، ورأيت الشّبّان متوزّعين على بطحائه ليالي القمر الأضحيان على الشّاهي اللّذيذ ، والشّواء الغريض (٢) ، بالأحاديث الجنيّة ، والأشعار الشّهيّة ، كلّ فرقة على قدر ما عندها .. لما خرج عن لسانك قول الصّمّة بن عبيد الله القشيريّ [من الوافر] :
شهور ينقضين وما شعرنا |
|
بأنصاف لهنّ ولا سرار (٣) |
فأمّا ليلهنّ فخير ليل |
|
وأقصر ما يكون من النّهار |
__________________
(١) البرد : جمع بريد ، وهو ما يأتي من رسائل.
(٢) الغريض : الطريّ من اللحم.
(٣) السّرار : آخر ليلة من الشّهر.