بذلك ، وقول أبي الطّيّب [من الكامل] :
ورد إذا ورد البحيرة شاربا |
|
ورد الفرات زئيره والنّيلا |
توفّي السّيّد عبد القادر بن سالم ببور سنة (١٣٢٠ ه).
وخلفه ولده خوّاض الغمرات ، ووقّاد الجمرات ، وحامي الحقائق ، وحتف الأقران ، الفاضل المتواضع ، عيدروس بن عبد القادر ، كان رجلا بطلا ، طوالا شديد الأسر :
قد أرضعته وأسد الغيل تحرسه |
|
بالبدو كلّ درور حافل الرّيّ (١) |
فجاء إذ جاء مثل الرّمح معتدلا |
|
وشبّ إذ شبّ كالصّقر القطاميّ (٢) |
له في النّجدة والشّهامة أخبار كبيرة ، من أدناها : أنّ أولاد السّيّد زين بن علويّ العيدروس كانوا مضطغنين عليه ينافسونه ـ وهم أربعة ـ فمرّ عليهم ذات ليلة ، فقالوا له : لم لم تسلّم؟ قال : لم أركم.
فانقضّوا عليه ، وما زالوا يساورونه بكلّهم وهو وحده حتّى قتل عمر بن زين ، وطرد الباقين ، وبه منهم سبع طعنات ، وبإثر ذلك تعصّب آل باجري على عيدروس ، فامتنع عن الظّهور إلّا بخفير فمنعوا النّاس من خفارته ، فلم يمتنع أحد آل سالم بن عمر خفره ، فتعرّض لهم أربعة من آل حمود في سوق بور ، ففشل الخفير ، ولكنّ عيدروسا ثبت ، ولمّا ضربه أحدهم بنمشته .. تلقّاها بذراعه. فلم تؤثّر فيه إلّا قليلا ، ثمّ أطلق عليه عامله ودقّه فيه .. فخرج سنانه من ظهره ، ولم يقدر على انتزاعه إلّا بجهد مع قوّة أيده ، ولكنّ المطعون سلم وهرب الثّلاثة إلى أن سوّيت المسألة بالصّلح ، وكفّته راجحة ، وخدود أعدائه ضارعة ، وعذره في قتل عمر بن زين ظاهر ؛ إذ بدؤوه بالاعتداء ، ولم يمكنه الدّفع إلّا بالقتل ، وعند ظهور القرينة بالصّيال .. يكون المعتدى عليه هو المصدّق ، ويذهب دم الصّائل هدرا.
__________________
(١) البيتان من البسيط ، وهما لابن هانىء الأندلسيّ بتغيير بسيط. درور : المرأة ذات اللبن الكثير.
(٢) القطامي : نوع من أنواع الصقور.