وبإثر هذه الحادثة كانت حادثة آل أحمد بن حسين العيدروس ببور ، وذلك أنّ الفاضل التّقيّ الكريم السّيّد حسن بن أحمد العيدروس (١) ـ المتوفّى بتريم سنة (١٣٠٤ ه) ـ كان له أخ يقال له : عبد الله بن أحمد ، ولكلّ منهما أولاد ، غير أنّ أولاد السّيّد حسن بن أحمد كانوا أكثر ، فتنازعوا ذات ليلة ، فزعم شيخ بن حسن بن أحمد أنّه مطعون من أحد أولاد عمّه عبد الله ، فخفّ مصطفى بن حسن وقتل محمّد بن عبد القادر بن عبد الله بن أحمد ، وسمعت من المنصب السّيّد عليّ بن عبد القادر : أنّ مصطفى لم يقدر على محمّد بن عبد القادر حتّى أمسكه له السّيّد علويّ بن حسين ، وهو رجل أكول ذو مرّة ؛ فإنه لمّا سمع بقتل شيخ بن حسن .. أحبّ أن يتوافوا ، فأمسك محمّدا فقتله مصطفى والحال أنّ جرح شيخ لم يكن إلّا خفيفا سرعان ما برىء منه.
فتداخل المنصب السّيّد عبد القادر بن سالم في القضيّة ، وجمع لها الأعيان ، فسوّيت على عفو معلّق على أن لا يعود القاتل إلى بور مادام أحد من والدي المقتول حيّا.
والّذي يظهر أنّ هذا العفو غير صحيح ؛ لأنّ العفو والإبراء أخوان ؛ إذ يصحّ العفو عن الدّم بلفظ الإبراء ، ويصحّ الإبراء من المال بلفظ العفو ، وقد صرّح الفقهاء بأنّ تعليق الإبراء يبطله.
وقد ذهب مصطفى (٢) بإثر هذه الحادثة إلى مكّة المشرّفة ، واكتسب بها ثروة طائلة ، ومات في سنة (١٣٦٣ ه) ، وترك هناك أولادا لهم سمت حسن وتواضع ، إلّا أنّه يؤثر عنهم لؤم ، بلغ بهم أنّ الأخ الفاضل محمّد بن هادي السّقّاف أبرق إليهم بسفره من عدن إليهم مع أهله برقيّة وصلتهم في وقتها ، وكانوا يتردّدون عليه ،
__________________
(١) حسن بن أحمد بن حسين .. كان جليلا فاضلا من الصالحين ، ولد ببور سنة (١٢٣٤ ه) ، وتوفي في (٢٧) محرم (١٣٠٤ ه) ، وجمع بعض أحفاده ترجمة مختصرة له.
(٢) هو مصطفى بن حسن بن أحمد ، توفي بمكة سنة (١٣٦٣ ه) ، وله بالحجاز عدد من الأبناء ، ومنهم : عبد الله وهو الذي جمع الأدعية والأذكار المأثورة في كتاب سماه : «مخ العبادة».