على اعتدال في التّشيع حتّى لقد دخل العراق في سنة (١٣٣٠ ه) ومعه السّيّد محمّد بن عليّ الحييد والسّيّد يوسف بن أحمد الزّواوي صاحب مسقط ، فلم يرض الشّيعة ولا أهل السّنّة ؛ لخروجه عن سمت الفريقين ، ولكنّه غلا بالآخرة في تشيّعه حتّى اقترب من سادات الأمّة رضوان الله عليهم ، وتأثّر بكلامه كثير ممّن يعزّ علينا انحرافهم ، فلقد بعث لي بنسخة من قصيدة سيّرها للإمام الحالي ، يقول منها في مدحه [من الكامل] :
روح مقدّسة وقلب ضمّه |
|
في قالب التّصوير أحسن هيكل |
ويقول فيها عن أهل البيت :
برآء من حسد المشوم وغلظة ال |
|
فظّ الغشوم ومن تقهقر نعثل (١) |
وما أرى هذا التّعريض الفاحش عن عقد قلبيّ ونيّة قطعيّة ، وعلّه كان عن ثورة نفسيّة ذهب به الكلام فيها إلى غير ما يريد ، وما أصدق قول بديع الزّمان : الكلام مجون ، والحديث شجون ، واللّفظ قد يوحش وكلّه ود ، والشّيء قد يكره وما من فعله بد ، والعرب تقول : لا أبا لك في الأمر إذا همّ ، وقاتله الله ولا يريدون به الذّمّ ، وويل أمّه للمرء إذا أهمّ.
أمّا الإمام حفظه الله : فإنّه لا يعجبه مثل ذلك ؛ لأنّه ليس من المتعصّبين ، بل هو الّذي اجتثّ عروق التّعصّب من بين الزّيديّة والشّافعيّة حتّى عادوا إخوانا ، وسلك فجّه وليّ عهده ، وباب مدينة ملكه ومجده : ولده أحمد وولده زين الشّباب المأسوف عليه البدر محمّد.
وأمّا أنا : فقد اتّعظت بغلوّ العلّامة ابن عقيل اتّعاظا حسنا ؛ إذ سلمت باستنكاره عن الوقوع في الحمى الّذي لا ينبغي أن يقرب ، لا سيّما وحاميه سيّد ولد آدم صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وما للقاصرين أمثالنا والدّخول بين المهاجرين الأوّلين وتعريف
__________________
(١) التّقهقر : الرّجوع. النّعثل : الشّيخ الأحمق.