ولكن من قوّة نفسه ومغالاته بها ، وما يصحبه من التّوفيق في الإصلاح ؛ فإنّه لا يهيب بمشكل إلّا انحلّ ، ولا ينبري لمعضل إلّا اضمحلّ.
فأرى الأمور المشكلات تمزّقت |
|
ظلماتها عن رأيه المستوقد (١) |
ومع تألّب الأعداء عليه من كلّ صوب .. تخلّص منهم قائبة من قوب (٢) ، ووقي شرّهم وقيّا ، وما زادوه إلّا رقيّا ، فانطبق عليهم قول حبيب [في «ديوانه» ٢ / ١٠٣ من الكامل] :
ولقد أردتم أن تزيلوا عزّه |
|
فإذا (أبان) قد رسى و (يلملم) (٣) |
وهو محبوب بعد لدى فحول الرّجال وأئمة أهل الكمال ، كسيّدي الجدّ ، والأستاذ الأبرّ ، والحبيب أحمد بن محمّد المحضار ، والحبيب عليّ بن حسن الحدّاد ، والحبيب عمر بن حسن الحدّاد ، والحبيب محمّد بن إبراهيم ، وأمثالهم. وقد قال الأوّل [من الطّويل] :
إذا رضيت عنّي كرام عشيرتي |
|
فلا زال غضبانا عليّ لئامها |
وله رحلات كثيرة ، أولاها سنة (١٢٨٦ ه) إلى الحجاز ، ثمّ عاد إلى تريم ، وفي سنة (١٢٨٨ ه) ركب إلى عدن واتّصل بأمراء لحج ومدحهم ، وزعم بعض النّاس أنّه كان يعنيهم بقصيدته المستهلّة بقوله [في «ديوانه» (٩٣ ـ ٩٥) من الوافر] :
ذهبت من الغريب بكلّ مذهب |
|
وملت إلى النّسيب وكان أنسب |
وأنا في شكّ من ذلك ؛ لأنّ له فيهم بعدها غرر القصائد ، ومنها قوله [من الطّويل]
هو الحيّ إن بلّغته فانزل الحانا |
|
وحيّ الألى تلقاهم فيه سكّانا |
__________________
(١) البيت من الكامل ، وهو للبحتريّ في «ديوانه» (١ / ٦٦).
(٢) يقال في المثل : تخلصت قائبة من قوب ؛ أي بيضة من فرخ ، يضرب لمن انفصل من صاحبه.
(٣) أبان ويلملم : اسما جبلين.