على أنّ للإنسان لسانا في الغضب غير لسانه في الرّضا،وقد قال الأوّل[من الطّويل]
هجوت زهيرا ثمّ إنّي مدحته |
|
وما زالت الأشراف تهجى وتمدح |
ثمّ إنّ المترجم ركب من عدن إلى جاوة وأقام بها نحوا من أربع سنين ، ثمّ عاد إلى الغنّاء في سنة (١٢٩٢ ه) ، وثمّ نجمت فتنة النّويدرة وكان له أفضل السّعي في إخمادها ونجح ، ثمّ اشتدّ عليه الأذى فهجر حضرموت سنة (١٣٠٢ ه) ، وهي الرّحلة الّتي يقول عند رجوعه منها [من الطّويل] :
ثلاثون عاما بالبعاد طويتها |
|
وكم أمل في طيّ أيّامها انطوى |
وها عودتي لمّا أتيحت نويتها |
|
عسى وعسى أن ليس من بعدها نوى |
ولمّا قدم إلى تريم في سنة (١٣٣١ ه) .. هنّأته بقصيدة نكر منها بعض أهل العلم بتريم أبياتا ، فقال لي السّيّد عبد الرّحمن بن عبد الله الكاف : أتحبّ أن يبحث معك إخوانك في أبيات أنكروها من قصيدتك؟ فقلت له : نعم ، بكلّ مسرّة وفرح.
فأقبل العلّامة السّيّد حسن بن علويّ بن شهاب ـ لأنّهم نصّبوه إذ ذاك للرّياسة العلميّة بتريم لينافس الوالد أبا بكر ابن شهاب في عشرين من علية طلّاب العلم ، فيهم العلّامة عليّ بن زين الهادي (١) ، ولم أكره حضور أحد سواه ؛ لما اشتهر به من الحدّة ، فخشيت أن يخرج بنا الجدال عن اللّياقة ، وما فرغنا من المناقشة .. إلّا وقد رجعوا إلى كلامي ، وأوّل من انحاز إلى جانبي هو السّيّد عليّ بن زين الهادي مصداق أنّ الحدّة تعتري الأخيار .. فكان من خيار المنصفين ، فهابه من رام المغالطة.
وما أنا في هذا بمجازف ولا كاذب ، ولا أستشهد على طول الزّمان بميت ولا غائب ؛ فقد بقي السّيّد يوسف بن عبد الله المشهور ممّن حضر ذلك البحث فليسأله من أحبّ.
وموضوع المناقشة أنّني عرّضت ـ في تلك القصيدة ـ ببعض من يعزّ عليهم ممّن غيّر
__________________
(١) كان السيد علي فقيها عالما مفتيا ، تولى التدريس بزاوية الشيخ علي بتريم ، وتوفي بها في (٧) ذي الحجة (١٣٤٦ ه).