هذا كلّه مع أنّ (١) مورد هذا التعليل أعمّ من وجه من المطلب ، إذ قد يكون الاقدام موجودا ولا ضمان كما قبل القبض (*) ، وقد لا يكون إقدام في العقد الفاسد مع تحقّق الضمان ، كما إذا شرط في عقد البيع ضمان المبيع على البائع
______________________________________________________
وإن كان منتفيا من جهة فساد العقد. إلّا أنّ انتفاء الضمان الجعلي لا يوجب انتفاء إقدامهما وتراضيهما على مطلق الضمان ، ضرورة عدم تواطئهما على المجّانيّة ، ومن المعلوم أنّ مطلق الضمان ينصرف إلى البدل الواقعي. وعليه فلا بأس بجعل قاعدة الإقدام على الضمان والدخول عليه مدركا لقاعدة «ما يضمن».
وأمّا الدفع فهو : أنّ ما أقدم عليه المتعاقدان ضمان خاصّ ، وهو المعاوضيّ ، والمفروض انتفاؤه بفساد العقد ، وينتفي مطلق الضمان أيضا ، والضمان بالبدل الواقعي يتوقّف على الاقدام والرّضا به ، وهو غير حاصل حسب الفرض.
وعليه فثبوت الضمان بالبدل الواقعيّ في العقد الفاسد منوط بدليل يدلّ عليه ، ولا ربط له بإقدام المتعاقدين عليه.
(١) هذا هو الوجه الثاني من المناقشة في استدلال الشيخ والشهيد الثاني قدسسرهما بقاعدة الاقدام ، وبيانه : أنّ النسبة بين المدّعى ـ وهو قاعدة ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده ـ وبين الإقدام الذي استدلّا به عليه عموم من وجه ، مع أنّه يعتبر كون الدليل مساويا للمدّعى أو أعمّ منه مطلقا. وهذا الضابط مفقود في المقام ، ضرورة اجتماع الضمان والاقدام تارة وافتراقهما اخرى. فقد يكون الاقدام متحققا ولا ضمان كما في تلف المبيع قبل القبض ، فإنّه يتلف من مال بائعه ، مع أنّ المشتري أقدم على ضمانه بالثمن المسمّى في العقد الصحيح ، وليس بضامن له. وقد لا يكون إقدام على الضمان ـ في العقد الفاسد ـ ومع ذلك يتحقق الضمان ، كما في الأمثلة المذكورة في المتن :
__________________
(*) لكن موضوع كلامهم يكون بعد القبض ، فمقصودهم من كون الاقدام موجبا للضمان أنّه موجب له في المقبوض ، فلا يرد النقض المذكور.