.................................................................................................
______________________________________________________
ـ بعد عدم قرينة على خصوص الحكم التكليفي ـ احترام ماله بكلّ احترام لدمه ، ومن الواضح أنّ احترام دمه بعدم إراقته وبدفع الدية ـ لو أهرق ـ حتى لا يذهب هدرا ، فكذا المال ، فينبغي ضمانه لو تلف بيد المتصرّف ، هذا.
الثالثة : ما ورد فيها من التعليل بعدم صلاحية ذهاب حق أحد ، كمعتبرة الحلبي ومحمّد بن مسلم عن أبي عبد الله عليهالسلام : «قال : سألته هل تجوز شهادة أهل ملّة من غير أهل ملّتهم؟ قال : نعم ، إذا لم يوجد من أهل ملّتهم جازت شهادة غيرهم ، إنّه لا يصلح ذهاب حقّ أحد» (١).
وتقريب دلالة التعليل هو : أنّ المراد بالحقّ أعمّ من الحقّ المالي وغيره ، لإطلاقه تارة على المال كالخمس والزكاة ونحوهما ، كقوله تعالى (الَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) ، وكقوله عليهالسلام : «هلك الناس في بطونهم وفروجهم ، لأنّهم لم يؤدّوا إلينا حقّنا». وأخرى على الحق المصطلح المقابل للحكم والملك ، كحقّ الوصيّة ، كما ورد في موثقة سماعة ، قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن شهادة أهل الذمة؟ فقال لا تجوز إلّا على أهل ملّتهم ، فإن لم يوجد غيرهم جازت شهادتهم على الوصية ، لأنّه لا يصلح ذهاب حقّ أحد» (٢) إذ المراد بالحق ـ في التعليل ـ هو حقّ الوصية الثابت للمسلم.
وعلى هذا فيدلّ التعليل على أنّه إذا ثبت حقّ شخص على غيره لم يصحّ ذهابه وفواته بغير عوض ، وهذا معنى الضمان.
وقد تحصّل من هذه الطوائف الثلاث حرمة مال المسلم وضمانه. ولمّا كان صدق «المال» على المنافع والأعمال المحترمة حقيقيا كصدقه على الأعيان ، دلّت قاعدة الاحترام على قاعدة «ما يضمن» مطلقا سواء أكان متعلق العقد عينا أم منفعة ، هذا.
__________________
(١) وسائل الشيعة ، ج ١٣ ، ص ٣٩٠ ، الباب ٢٠ من أبواب أحكام الوصايا ، الحديث : ٣.
(٢) المصدر ، ص ٣٩١ ، الحديث ٥.