وتوهّم (١) «أنّ (٢) الدافع في هذه الصورة هو الذي سلّطه عليه ، والمفروض
______________________________________________________
وعدم مقيّد له في البين.
(١) هذا تفصيل في الضمان بين علم الدافع بالفساد وجهل القابض به ، وبين غيره. وهذا التفصيل احتمله الشهيد الثاني قدسسره أوّلا ، لكنّه عدل عنه وقال : «والأقوى ثبوته ـ أي الضمان ـ في جميع الصور» (١).
واختاره المحقق الأردبيلي قدسسره بناء على مرجعيّة أصالة البراءة عن الضمان في المقبوض بالعقد الفاسد ، لعدم حجيّة حديث «على اليد» ولا قاعدة «ما يضمن» فقال قدسسره : «وهو ـ أي عدم الضمان ـ مع الجهل بالفساد قويّ ، ومع علم الآخر أقوى.
ومع علمه بالفساد ـ وبعدم جواز تصرفه ووجوب حفظه ووجوب ردّه إلى مالكه معجّلا ـ كالمغصوب ، وذلك قد يكون بعلمه بطلب من المالك على تقدير الفساد ، وعدم رضاه بكونه عنده .. وأمّا مع الجهل بالفساد ـ سيّما في أمر غير ظاهر الفساد ، وكذا بعد العلم به ، ولكن مع عدم العلم بوجوب الرّد ـ فالضمان غير ظاهر .. الى أن قال : نعم إذا علم عدم الرضا إلّا بوجه البيع أو اشتبه ذلك ، يتوجّه جواز التصرّف ، والضمان على تقدير فهم عدم الرّضا بالمكث عنده ، وكونه أمانة على تقدير غيره» (٢).
وحاصله : أنّه قدسسره فصّل بين صورتي العلم بالفساد والجهل به ، فإن كانا جاهلين فعدم الضمان قويّ. وإن كان الآخر ـ أي : الدافع ـ عالما والقابض جاهلا فعدم الضمان أقوى. وإن كان القابض عالما بالفساد وبحرمة التصرّف في المقبوض بالعقد الفاسد ، وبوجوب ردّه إلى مالكه معجّلا فهو ضامن كالغاصب.
(٢) هذا الوجه مذكور في المسالك وإن لم يعتمد عليه. وحاصله : أنّ الدافع ـ مع علمه بالفساد وجهل القابض به ـ سلّط القابض على المقبوض ، وأذن له في
__________________
(١) مسالك الأفهام ، ج ٣ ، ص ١٥٤.
(٢) مجمع الفائدة والبرهان ، ج ٨ ، ص ١٩٢ و ١٩٣.