.................................................................................................
______________________________________________________
جامع المقاصد : «لم أظفر إلى الآن بمخالف» (١) وإن تأمّل هو فيه. قال العلّامة قدسسره : «لا يحل للمحرم استعارة الصيد من المحرم ولا من المحلّ ، لأنّه يحرم عليه إمساكه ، فلو استعاره وجب عليه إرساله ، وضمن للمالك قيمته. ولو تلف في يده ضمنه أيضا بالقيمة لصاحبه المحلّ ، وبالجزاء لله تعالى ، بل يضمنه بمجرّد الإمساك» (٢).
فلو قلنا بعدم وجوب تخلية سبيله وجواز ردّه إلى المالك المعير لم يتّجه ضمان القيمة حتى يكون مبنى النقض على قاعدة «ما لا يضمن». ويلوح من الشهيد الثاني قدسسره عدم تعيّن وجوب الإرسال ، قال قدسسره بعد التأمل في فساد عارية الصيد ما لفظه : «فعلى تقدير قبضه له ـ أي قبض المستعير للصيد ـ إن ردّه على المالك لزمه الفداء لله تعالى ، وبريء من حق المالك. وإن تلف في يده فلا شبهة في ضمانه لله تعالى ، لأنّه ثابت عليه بمجرّد الإمساك ، كما في الصيد الذي ليس بمملوك» (٣). فإنّ قوله : «وبريء من حقّ المالك» ظاهر بل صريح في عدم ضمان القيمة بمجرّد الاستعارة ، فلا ضمان على تقدير ردّ الصيد إلى مالكه ، وإنما يجب عليه الفداء والكفّارة.
والحاصل : أنّ مبنى التوجيه المذكور في المتن هو استقرار القيمة على عهدة المحرم المستعير بمجرّد قبض الصيد من المحلّ.
الثاني : أنّ كون المستعير ضامنا لقيمة الصيد لمالكه مع فرض بقاء عينه ـ وعدم إرساله بعد ـ لا بدّ أن يكون للجمع بين دليلين ، أحدهما : حرمة مال المسلم المقتضية لضمان ماله بماله من الخصوصيّات الشخصيّة والصنفيّة والنوعيّة. وثانيهما : وجوب إرسال الصيد وتخلية سبيله وحرمة تسليمه إلى المعير ، فإنّه أمر بإعدام خصوصيّته وشخصيّته.
فمقتضى الجمع بينهما القول بإلغاء احترام الصيد ـ بعينه ـ رعاية لحقّ
__________________
(١) جامع المقاصد ، ج ٦ ، ص ٦٠
(٢) تذكرة الفقهاء ، ج ٢ ، ص ٢٠٩
(٣) مسالك الأفهام ، ج ٥ ، ص ١٤٩