.................................................................................................
__________________
المعلوم أنّ التعليل بكون الرّجل أمينا ظاهر عرفا في حكم كلّي وهو عدم ضمان كلّ أمين ، ولا ظهور له في كونه بيانا للمورد ، فإنّ المورد من قبيل ما إذا أمر الإمام عليهالسلام بأخذ معالم الدين من أحد الأصحاب ، وقال : «إنّه ثقة» فإنّه لا ريب في كونه تنبيها على وثاقته الموجبة لاندراجه في «الثقة» الذي يكون قوله حجة.
ثمّ قال : «إنّ في الرواية احتمالات : أحدها : أنّ المقصود الاخبار عن قضيّة واقعيّة ، وهي : أنّ الأمين لا تصدر منه الخيانة حتى يضمن ، فلا ضمان عليه واقعا. وعليه فلا يكون تعليلا ليستفاد منه حكم غير المورد».
وفيه : أنّ الاخبار ـ الذي هو حكاية أمر خارجي ـ خلاف الأصل في كلام الشارع ، فإنّ الأصل في كلامه هو الحمل على إنشاء الأحكام. فقوله عليهالسلام : «ليس عليه غرم» حكم قد علّل بكونه أمينا ، فكأنّه قال عليهالسلام : «علّة عدم الغرم شرعا هي أمانة الرجل» فموضوع عدم الضمان هو الأمين. كتعليل حرمة الخمر «بأنّه مسكر» الظاهر في كون موضوع الحرمة حقيقة هو المسكر ، وأنّ حرمة الخمر إنّما هي لأجل انطباق موضوع الحرمة أعني طبيعيّ المسكر عليه ، فيكون المقام من قبيل العلّة المنصوصة ، لا من قبيل علّة التشريع.
وإن شئت فقل : إنّ ما نحن فيه من قبيل علّة المجعول ، لا علّة الجعل على ما هو مصطلح بعض المحققين.
ثانيها : «أن يراد بقوله : ـ بعد أن يكون الرجل أمينا ـ أنّه بعد ما اتّخذته أمينا وجعلت المال أمانة عنده لم يحكم عليه بالغرم ، إلّا مع قيام البيّنة. وعلى هذا يمكن أن يقال : إنّ الاتّخاذ أمينا في عقد الوديعة إنّما يصدق مع صحّته. وأمّا مع فساده فلا ، إذ ليس المراد كونه أمينا واقعا أو كونه مورد وثوق المودع ، بل المراد أنّه مع اتّخاذه في العقد أمينا وجعلت بضاعتك أمانة لديه لم يحكم عليه بالغرم ، فلا يكون صادقا في فاسد العقد ، لأنّه لم يتّخذه أمينا مطلقا ، بل في العقد مع البناء على صحته».